قد لا تعرف قطاعات من الشباب الصغير في السن معنى النكبة، وأيضا فهم لا يعرفون في المقابل معنى الهولوكست، وكلاهما مصطلحان يرتبطان بتاريخ عالمى، وكلاهما يحملان قدر كبير من المآسي، فالأولى متصلة ذهنيا بشعب فلسطين، والثانية ترتبط باليهود، غير أن الكل يتفق ويعرف في تلك اللحظة على معنى كلمة غزة، وما يجرى فيها من تدمير وقتل على الهوية، ورغبة جامحة من نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وجماعته في اليمين المتطرف في الإمعان في القتل لكل ماهو فلسطيني، سواء كان حجرا أو بشرا، حتى وصل العدد في تلك اللحظة لأكثر من 200 ألف شهيد ومصاب ومفقود، وتدمير ما لايقل عن 80 % من مساحة قطاع غزة، والذى يتكون من خمس مدن رئيسية وهى شمال غزة، وغزة، ودير البلح، وخان يونس، ورفح الفلسطينية، بكل توابعهما.
النكبة التى نحي ذكراها، هي ذكرى احتلال فلسطين، واحتلالها من عصابات الهاجاناه، والتي تم تحويلها لجيش الدفاع الإسرائيلي بعد ذلك، في 15 مايو 1948، وفى النكبة التي تسببت في تهجير ولجوء أكثر من 750 ألف فلسطيني، خرجوا من أرضهم ولم يعودوا إليها بعد ذلك إطلاقا، ولذلك تم إطلاق مصطلح النكبة، ترميزا لما حدث في فلسطين في ذلك التوقيت، والتي بدأ معها سيطرة إسرائيل _ بدعم دولى_ على مساحات كبيرة من فلسطين، وإعلان قيام كيانها حتى تلك اللحظة، وبعدها حدث ماحدث في دخول الجيوش العربية، وما حدث نتيجة ذلك من توابع يسجلها التاريخ.
بينما الهولوكست، فهو محرقة قامت ضد عدد كبير من اليهود في أوربا، وعانى منها اليهود، في مشاهد سجلها التاريخ، وتحتفظ بها الأفلام والوثائق، لكن تسجيل التاريخ لتلك الوقائع، جعلها كأنها الواقعة الوحيدة في العالم التي حدثت ضد جماعة أو شعب، ومع الإشارة إلى أن الاستهداف بالقتل والبطش لأي هوية أو معتقد، هو امر مرفوض في المطلق، فما حدث ضد اليهود وقتها، يتفق في رفضه قطاعات كبيرة للغاية حول العالم، وهو ما جعل الكثيرون يتسآلون كيف تفعل إسرائيل ضد شعب فلسطين مارفضته في الحدوث ضدها في الهولوكست، وكأنها هربت من الهولوكست، بقيامها بهولوكست ضد أهل فلسطين.
ومابين النكبة والهولوكست، ستظل حرب غزة رقما صعبا للغاية، فحرب غزة الحالية، تفوق في حجم ضحاياها وشهدائها كل ما سبق، وكذلك المهجرين منها ، أضعاف ماحدث في نكبة 1948، مما يجعلنا نطالب الجميع بضرورة توثيق كل ماحدث من إسرائيل من جرائم ضد أهل غزة والضفة، وعدم اليأس في نشره والإشارة إليه، فنكبات غزة أضعاف ماحدث في نكبة فلسطين، وما يحدث يوميا ضد أهل غزة والضفة، أضعاف ماحدث ضد أي شعب آخر، والفيديوهات تملأ وسائل التواصل الاجتماعى، وهى أضعاف ماتم حظره من تلك الوسائل رغبة في حماية إسرائيل وجنودها، حتى أن نكبة غزة قد تكون البداية، لكنها ستكون سبب رئيسى لنكبة إسرائيل في النهاية.