التهديدات التي تواجه العراق بسبب العقوبات الأمريكية على روسيا
التأثير على إنتاج النفط
تتجه الأنظار إلى محافظة البصرة بعد ورود معلومات عن احتمال توقف إنتاج حقل غرب القرنة-2 الذي تشغله شركة لوك أويل الروسية، إثر إدراج الشركة على لائحة العقوبات الأمريكية، في خطوة قد تؤدي إلى خسارة العراق نحو نصف مليون برميل يومياً، أي ما يعادل مليار دولار شهرياً من الإيرادات النفطية.
ردود الأفعال
يقول الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي إن “العراق يواجه تطوراً خطيراً، إذ تستعد الشركة الروسية لإعلان حالة القوة القاهرة خلال الساعات المقبلة، ما يعني توقف العمل في الحقل بالكامل”، مبيناً أن “الحكومة العراقية لا تمتلك خطة طوارئ واضحة للتعامل مع هذا الاحتمال، وتعتمد حالياً على استمرار الشركة في الإنتاج رغم القيود المفروضة”.
تأثير على الاقتصاد العراقي
يُعد حقل غرب القرنة-2 أحد أكبر الحقول في العراق بطاقة إنتاج تقارب 480 ألف برميل يومياً، ويشكل ما يقارب 10% من إجمالي الإنتاج الوطني. ومع فرض العقوبات الأمريكية، باتت العمليات الميدانية مهددة بسبب تجميد التحويلات المصرفية وصعوبة تمويل الأنشطة التشغيلية.
الخسائر المحتملة
ويشير الهاشمي إلى أن “أي توقف طويل الأمد للحقل لن يؤثر على الإيرادات فحسب، بل سيؤدي إلى اضطراب في منظومة الضخ والنقل، لأن البنية التحتية في الجنوب مترابطة وتعتمد على تدفقات هذا الحقل بشكل مباشر”.
التحديات التي تواجه الحكومة العراقية
من جانبه، يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية أحمد التميمي، إن “العقوبات الأمريكية الأخيرة تمثل تحولاً استراتيجياً في بنية سوق الطاقة العالمي، وقد تكون لها تداعيات مباشرة وغير مباشرة على قطاع النفط العراقي”، موضحاً أن “العراق يتعامل مع شركات تمتلك رأس مال روسي ضخم وتخضع حالياً لمراقبة مالية دولية دقيقة، ما يعني أن أي تأخير في التحويلات أو التمويل أو النقل التكنولوجي سيؤدي إلى تباطؤ في تنفيذ المشاريع الجارية، لا سيما في الجنوب”.
التحرك الحكومي
ويضيف التميمي أن “الحكومة أمام تحدٍ مزدوج: حماية مشاريعها الاستراتيجية من التعطل، وتجنب أي تورط مالي قد يعرضها لعقوبات ثانوية”، مؤكداً أن “التعامل بحذر استراتيجي أصبح ضرورة وطنية لا مجرد إجراء إداري”.
تأثير على الشركات الأخرى
العقوبات طالت أيضاً شركة روسنفت التي تمتلك استثمارات رئيسية في خطوط تصدير النفط من إقليم كردستان عبر الأراضي التركية، ما ينذر بتقليص التدفقات النفطية من الإقليم وتراجع الإيرادات التي يعتمد عليها لتغطية النفقات ورواتب الموظفين.
التحديات المستقبلية
ويرى مراقبون أن هذا التطور يعكس حجم ارتباط الاقتصاد العراقي بالتوازنات الدولية المعقدة، حيث يجد البلد نفسه بين ضرورة الحفاظ على إنتاجه وضمان التزامه بالمعايير القانونية الدولية في الوقت نفسه.
الخطوات المقترحة
تشير التقديرات إلى أن وزارة النفط تبحث خطة بديلة مؤقتة لتكليف شركات وطنية بإدارة بعض العمليات التشغيلية في حال انسحاب الشركة الروسية، فيما يوصي خبراء بضرورة تنويع الشركاء الدوليين وتطوير الحقول الوطنية لتقليل الاعتماد على رأس المال الأجنبي.
الاستراتيجية المستقبلية
ويرى الهاشمي أن “الأزمة الحالية فرصة لإعادة تقييم علاقة العراق بشركات الطاقة الأجنبية ووضع استراتيجية أكثر استقراراً للإنتاج الوطني”، بينما يؤكد التميمي أن “ضمان استمرار الاستثمار الأجنبي في ظل بيئة العقوبات يتطلب إدارة دقيقة للعقود والتعاملات المالية”.
التحديات الاقتصادية الجديدة
تضع هذه التطورات العراق، بحسب مراقبين، أمام اختبار اقتصادي جديد في سوقٍ عالمي يتأثر بالعقوبات والتحالفات. فبين ضغوط السياسة وحاجة الاقتصاد، تبدو إدارة ملف الطاقة في البلاد أمام مرحلة تتطلب توازناً غير مسبوق بين حماية الإنتاج واستقلال القرار الاقتصادي.

