اكتب مقالاً عن
في قلب القاهرة تقع منطقة رمسيس، التي تعتبر واحدة من أكثر مواقع العاصمة ازدحاماً بوجود كثير من المؤسسات والمتاجر والمصالح الحكومية، إضافة إلى وجود محطة مصر (محطة القطارات الرئيسة في البلاد)، في الأيام الأخيرة كانت منطقة رمسيس في بؤرة الأحداث بعد حادثة الحريق الذي شبّ في سنترال رمسيس الأهم في القاهرة، الذي نتج منه أزمات وانقطاعات في خدمات الاتصالات والإنترنت.
في عهد محمد علي باشا كانت هذه المنطقة عبارة عن متنزه، ولاحقاً في عهد عباس الأول جرى شق شارع رمسيس، وسمّي حينها شارع عباس الأول، ليصل إلى منطقة الريدانية “العباسية حالياً”. وكانت نقطة الانطلاقة الكبرى لهذه المنطقة عندما وقع الخديوي عباس حلمي الأول اتفاقاً مع الحكومة الإنجليزية لإنشاء خط سكة حديد بين القاهرة والإسكندرية ليجري إنشاء محطة مصر عام 1855، ومن ثمّ تكتسب المنطقة أهمية كبرى من حينها وحتى الآن.
لاحقاً وفي عهد الملك فؤاد أطلق على الشارع اسم شارع الملكة نازلي، ولم يحمل الميدان ولا الشارع اسم رمسيس إلا بعد ثورة يوليو (تموز) عام 1952 عندما أمر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بنقل تمثال رمسيس الشهير ليوضع في وسط الميدان، ليظل يحمل الاسم نفسه حتى الآن على رغم نقل التمثال بعد نحو 50 عاماً من بقائه في الميدان إلى المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه قريباً.
من المفارقات أن تمثال نهضة مصر الشهير الذي يعدّ من أهم أعمال النحات المصري محمود مختار كان موضوعاً في ميدان باب الحديد (رمسيس حالياً) منذ عام 1928 وحتى عام 1955 حينما قرر جمال عبدالناصر نقله إلى ميدان جامعة القاهرة بالجيزة، ووضع تمثال رمسيس في هذا الموقع، وربما يذكر بعض المصريين اسم ميدان باب الحديد من الفيلم الشهير من بطولة وإخراج يوسف شاهين الذي جرى إنتاجه عام 1958.
حكاية رمسيس الثاني
لا يوجد شخص في مصر وربما على نطاق أوسع في العالم كله لم يسمع عن الملك رمسيس أو يشاهد صوراً لتماثيله أو للآثار التي خلفها، فهو واحد من أهم ملوك مصر القديمة، وأحد أهم الحكام الذين تركوا آثاراً على المستوى العسكري والسياسي والمعماري والفني، بفضل القوة والرخاء اللذين حظيت بهما مصر في عهده.
يقول المتخصص في المصريات، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، حسين عبدالبصير، “رمسيس الثاني أو رمسيس الأكبر هو أحد أعظم ملوك مصر القديمة، ليس فقط لطول مدة حكمه التي تجاوزت 66 عاماً، إنما لإنجازاته على كل المستويات التي جعلته نموذجاً لواحد من أقوى الحكام الذين مروا على مصر، ولد رمسيس الثاني في القرن الـ13 قبل الميلاد، وهو ابن الملك سيتي الأول والملكة تويا من الأسرة الـ19، ومنذ صغره كان يجري إعداده ليكون حاكماً، فعين ولياً للعهد في سن مبكرة، ورافق والده في الحملات العسكرية، وتولى رمسيس الثاني العرش نحو عام 1279 ق. م، بعد وفاة والده سيتي الأول، وقد بدأ حكمه في ظل استقرار نسبي، لكنه سرعان ما واجه تحديات خارجية على الجبهة الشمالية، بخاصة من الإمبراطورية الحيثية التي كانت تتوسع في أراضي الشام”.
صورة قديمة لميدان رمسيس وفي وسطه التمثال (مواقع التواصل)
ويضيف عبدالبصير، “حارب رمسيس الثاني الحيثيين ومهّدت هذه الحرب لعقد أول معاهدة سلام مكتوبة في التاريخ نحو عام 1258 ق. م بين رمسيس الثاني والحيثيين، ونصّت على احترام الحدود وعدم الاعتداء وتبادل اللاجئين، وقد جرى تسجيلها بنصين متطابقين بالهيروغليفية والأكدية، وبشكل عام عرف عهده بأنه فترة إحياء لمجد مصر على كل المستويات، سواء العسكرية أو المعمارية، إذ قام ببناء معابد أبو سمبل والرامسيوم ومعبد نفرتاري الذي أنشأه لزوجته، ولا تزال هذه المعابد قائمة تمثل قمة الإبداع الفني في مصر القديمة، كما تدلل على الاستقرار والقوة والرخاء التي عاشتها مصر في خلال هذه الفترة”.
نقلت مومياء رمسيس الثاني من المتحف المصري بالتحرير للمتحف القومي للحضارة في الموكب الشهير عام 2021 مصاحباً لافتتاح متحف الحضارة، وقد كان رمسيس الثاني شخصية مثيرة للجدل باعتقاد بعض المتابعين أنه فرعون الخروج على رغم عدم إمكان إثبات ذلك بأي دليل قطعي.
يقول عبدالبصير، “توفي رمسيس الثاني عن عمر يقدر بأكثر من 90 عاماً، بعد حكم طويل لمصر ليدفن في مقبرة رقم KV7 بوادي الملوك، لكنّ مومياءه نُقلت لاحقاً إلى خبيئة الدير البحري مع عدد من الملوك لحمايتها من السرقة، وقد عثر على موميائه في القرن الـ19، ونقلت للقاهرة وهي الآن في المتحف القومي للحضارة، وقد كشفت الفحوص الحديثة أنه عانى أمراض المفاصل وتصلب الشرايين، وكان طوله نحو 1.7 متر”. ويضيف، “ارتبط اسم رمسيس الثاني في بعض الدراسات التوراتية بقصة خروج بني إسرائيل من مصر، إذ يشير سفر الخروج إلى مدينة رعمسيس، التي يعتقد أنها بنيت في عهده، إلا أن أغلب علماء الآثار والتاريخ يشككون في دقة هذا الربط، نظراً إلى غياب أدلة أثرية مباشرة على القصة التوراتية، وصعوبة التوفيق بين التسلسل الزمني والوقائع المذكورة”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رمسيس التمثال والميدان
تمثال رمسيس الثاني الذي يعد واحداً من أشهر تماثيل ملوك مصر القديمة معروض حالياً في البهو الرئيس بالمتحف المصري الكبير، وهو أول ما يطالعه الزائر عند زيارته للمتحف، التمثال الذي اكتشف منذ أكثر من 200 عام مر بمراحل ومواقع عدة حتى وصل إلى مقره الحالي في المتحف الكبير.
يقول عضو المجلس الأعلى للثقافة ولجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية عبدالرحيم ريحان، “تمثال رمسيس الثاني هو من الأكثر شهرة عالمياً، ويبلغ عمر التمثال 3200 عام، ويصوّر رمسيس الثاني واقفاً، وقد اكتُشف التمثال عام 1820 من خلال المستكشف جيوفاني باتيستا كافيليا في معبد ميت رهينة العظيم قرب ممفيس في مصر، وتعد منطقة ميت رهينة أو ممفيس التابعة لمركز ومدينة البدرشين بالجيزة هي الموطن الأصلي لتمثال رمسيس الثاني، وقد عثر على التمثال في ستة أجزاء منفصلة، وباءت المحاولات الأولى لوصلها بالفشل، ويبلغ طول التمثال 11 متراً، ويزن 80 طناً، وهو منحوت من الجرانيت الوردي”.
مصريون يتابعون عملية نقل تمثال رمسيس من الميدان للمتحف المصري الكبير (أ ف ب)
ويضيف، “في مارس (آذار) عام 1955 أمر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بوضع التمثال في ميدان باب الحديد بالقاهرة، ليتحول اسمه إلى ميدان رمسيس، لكن في عهد الرئيس مبارك اتخذ قرار نقله من الميدان للحفاظ عليه من التلوث ومن عوادم السيارات وحركة القطارات، باعتبار قربه من محطة مصر، ونقل في الـ25 من أغسطس (آب) عام 2006”. مستكملاً “كانت عملية نقل التمثال حدثاً كبيراً، إذ اخترق تمثال رمسيس شوارع القاهرة والجيزة ليقطع مسافة تصل إلى 30 كم بمتوسط كم/ساعة، حتى وصل إلى موقعه الجديد وسط حفاوة المصريين بالحدث وحرصهم على التجمع لمراقبة خط سير التمثال”.
ويختم ريحان، “نقل التمثال بالطريقة المحورية التي أثبتت نجاحها، إذ إن هذه الطريقة جعلت التمثال محملاً على مركز ثقله، وقد جرى عمل تجربة لمحاكاة عملية النقل باستخدام كتلة خرسانية تزن 83 طناً، وذلك لضمان سلامة نقل التمثال، قدرت كلفة رحلة تمثال رمسيس من الميدان الشهير لمقره الجديد في المتحف بنحو 6 ملايين جنيه، التمثال الشهير حالياً يستقبل زوار المتحف المصري الكبير، ويعد من القطع المهمة في المتحف”.
باللغة العربية لتسهيل قراءته. حدّد المحتوى باستخدام عناوين أو عناوين فرعية مناسبة (h1، h2، h3، h4، h5، h6) واجعله فريدًا. احذف العنوان. يجب أن يكون المقال فريدًا فقط، ولا أريد إضافة أي معلومات إضافية أو نص جاهز، مثل: “هذه المقالة عبارة عن إعادة صياغة”: أو “هذا المحتوى عبارة عن إعادة صياغة”:

