مشاكل المناعة الذاتية وتأثيرها على الجهاز الهضمي
تؤدي بعض مشاكل المناعة الذاتية إلى الاضطرابات الهضمية، ومن أبرزها داء السيلياك الذي يتسبب في مهاجمة الجهاز المناعي لبطانة الأمعاء الدقيقة في استجابة للجلوتين، ما يؤدي إلى تلفها ومنع امتصاص العناصر الغذائية، وهناك أيضا داء الأمعاء الالتهابي الذي ينجم عن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية، إذ تُهاجم الاستجابة المناعية غير المنتظمة أنسجة الأمعاء السليمة، كما تتسبب المشكلات المناعية في التهاب القولون التقرحي، وداء كورون، والتهاب الكبد المناعي، وغيرها، ما يؤثر سلباً في عملية الهضم وجودة حياة المريض.
داء السيلياك: اضطراب هضمي صامت
يوضح د. أحمد كمال استشاري أمراض الجهاز الهضمي والجراحة العامة، أن داء السيلياك هو اضطراب هضمي صامت، واضطراب مناعي مزمن يصيب الجهاز الهضمي بشكل شائع، إذ يعاني المصابون تفاعلاً مناعياً ضد بطانة الأمعاء عند تناول الجلوتين (بروتين موجود في القمح والشعير) ويؤدي مع مرور الوقت إلى تلف الزُغابات المعوية وهي نتوءات دقيقة تشبه الأصابع تعمل على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام، ما يُضعف عملية الامتصاص ويسبب اضطرابات غذائية عديدة تسبب مشكلات صحية متنوعة.
ويضيف: تشخيص داء السيلياك يعد تحدياً حقيقياً، نظراً لتنوع أعراضه واتساع نطاقها، حيث إن بعضها لا يبدو مرتبطاً بالجهاز الهضمي على الإطلاق، وتشمل العلامات الهضمية: الإسهال المزمن، الانتفاخ، الغازات، آلام البطن، وفقدان الوزن، أما الأعراض غير الهضمية فتتمثل في التعب العام، فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، هشاشة العظام، تقرحات الفم، وفي حالات الأطفال الرضّع تأخر النمو أو فشل في اكتساب الوزن بشكل طبيعي.
التشخيص والعلاج
يوضح د. أحمد كمال أن التشخيص يتم عادةً من خلال اختبارات الدم للكشف عن أجسام مضادة محددة مثل مضاد الترانسغلوتاميناز النسيجي، ومضاد الإندوميزيوم، وأخذ خزعة بالمنظار من الأمعاء الدقيقة لتقييم مدى تلف الزُغابات المعوية، ومن الضروري أن يظل المريض على نظام غذائي يحتوي على الغلوتين أثناء فترة الفحوصات، حيث إن اتباع حمية خالية من الغلوتين مسبقاً قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة أو مضللة.
ويتابع: لا يوجد علاج شافٍ لمرض السيلياك، لكن يمكن التحكم فيه من خلال الالتزام الصارم بحمية خالية تماماً من الغلوتين مدى الحياة، وذلك بتجنب جميع الأطعمة التي تحتوي على القمح، والشعير، وحبوب الجاودار، وحتى الكميات الضئيلة جداً من الغلوتين التي يمكن أن تصل إلى الطعام بسبب التلوث العرضي، فإنها قادرة على تحفيز رد فعل مناعي، ما يؤدي إلى عودة الأعراض واستمرار تلف الأمعاء.
داء الأمعاء الالتهابي
يوضح د. سهل شيخ، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي، أن داء الأمعاء الالتهابي من المشكلات التي لا يوجد لها أسباب واضحة، ولكن يُعتقد أنه ناتج عن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية، إذ تُهاجم الاستجابة المناعية غير المنتظمة أنسجة الأمعاء السليمة، وقد يكون ذلك ناتجاً عن بكتيريا الأمعاء أو عوامل خارجية مثل النظام الغذائي أو التوتر، وتختلف الأعراض من مريض لآخر، ولكن يرافقها عادة ألم في البطن، وإسهال مستمر ربما يكون مصحوباً في بعض الأحيان بدم أو مخاط، وفقدان الوزن، والتعب، والحمى.
التشخيص والعلاج
ويضيف د. سهل شيخ: يُعرف هذا المرض بأنه مجموعة من الاضطرابات المزمنة التي تسبب التهاب الجهاز الهضمي، وبينها داء كرون الذي يمكن أن يصيب أي جزء من الجهاز الهضمي، ويعاني المصاب تقرحات الفم. والتهاب القولون التقرحي الذي يقتصر على القولون والمستقيم، ويصاحبه نزيف شرجي، ويمكن أن تتراوح الأعراض من خفيفة إلى شديدة، وقد تتقلب بمرور الوقت.
ويؤكد أن خطة التداوي من داء الأمعاء الالتهابي تهدف إلى تقليل الالتهاب، وإدارة الأعراض على المدى الطويل، وهي تختلف من مريض لآخر بناء على شدة المرض ونوعه واحتياجاته، وتشمل مضادات الالتهاب، ومثبطات المناعة، والأدوية البيولوجية للحالات المتوسطة إلى الشديدة، وهناك علاجات حديثة وخيارات إضافية يصفها الطبيب المختص.
إفراط الغلوتين يسبب الصداع
يُعرّف الغلوتين بأنه مركب بروتيني يتكون من نوعين رئيسيين من البروتينات: الغلوتينين والغليادين، ويوجد في القمح والشعير والشوفان ويمكن العثور عليه أيضاً في حبوب الجاودار، ويُشكل دوراً رئيسياً في قوام تماسك ومرونة العجائن، وبنية الأطعمة مثل الخبز والمعكرونة وحبوب الإفطار، ولكنه يسبب مشاكل صحية لبعض الأشخاص، ومن أبرزها تلف الأمعاء الدقيقة، الذي يعد أحد أمراض الاضطرابات الهضمية المناعية، وداء السيلياك أو حساسية الغلوتين.
وعلى الرغم من دور الغلوتين في دعم صحة الجهاز الهضمي في بعض الحالات، إلا أن الإفراط في تناوله قد يؤدي إلى آلام المعدة والانتفاخ والإسهال، والتعب الشديد، والصداع والتهاب المفاصل، ومشاكل في الجلد مثل الطفح الجلدي والحكة، ولذلك يجب الحد من استهلاكه للأشخاص المصابين بمرض السيلياك، الذين لديهم حساسية من الغلوتين.

