اكتب مقالاً عن
+أ-أ
بغداد اليوم – متابعة
يُصادف اليوم الأربعاء (19 تشرين الثاني 2025) اليوم العالمي للرجال، في وقت يقدَّر فيه عدد الذكور على كوكب الأرض بأكثر من 4 مليارات رجل، أي ما يقارب نصف سكان العالم، وسط تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة تعيد تعريف أدوار الرجال والنساء على حد سواء.
صحة الرجال.. أرقام مقلقة خلف الصورة النمطية
تعكس التقارير الدولية صورة مقلقة عن صحة الرجال مقارنة بالنساء، إذ تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن متوسط عمر الرجال عالمياً أقل من النساء بعدة سنوات في معظم الدول، وأن الرجال أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، والحوادث، وتعاطي المخدرات، والعنف المسلح، إضافة إلى كونهم الفئة الأعلى في معدلات الانتحار في كثير من البلدان.
ويشير خبراء إلى أن جزءاً من هذه الأرقام مرتبط بثقافة اجتماعية تشجع الرجل على كتمان مشاعره وعدم طلب المساعدة النفسية، ما يفاقم مستويات القلق والاكتئاب ويجعل كثيراً من حالات الانهيار النفسي تنفجر على شكل عنف أو عزلة أو سلوكيات مدمّرة.
صعود النسوية وتغير موازين الفرص
بالتوازي مع ذلك، يعيش العالم منذ عقود صعوداً متزايداً للحركات النسوية التي طالبت – وما زالت – بتوسيع حقوق المرأة في التعليم والعمل والتمثيل السياسي ومحاربة العنف والتمييز. هذا التحول التاريخي منح النساء مكاسب واسعة، خاصة في الدول المتقدمة وبعض الدول النامية، لكنه خلق في الوقت نفسه شعوراً ملتبساً عند كثير من الرجال بأن “دورهم التقليدي” لم يعد واضحاً كما كان.
في أسواق العمل، تراجعت مركزية الرجل باعتباره “المعيل الوحيد”، وصارت النساء أكثر حضوراً في التعليم العالي والمهن التخصصية، فيما ما يزال كثير من الرجال عالقين بين نموذج قديم يحمّلهم عبء الإعالة الكاملة، وواقع جديد يُفترض أن يكون أكثر تشاركية، لكنه لا يقدّم دائماً شبكة دعم نفسية واجتماعية كافية للرجل.
الفجوات الاقتصادية والتعليمية.. صورة معقدة
رغم استمرار فجوات الأجور لصالح الرجال في كثير من البلدان، إلا أن الصورة على مستوى التعليم بدأت تميل في اتجاه آخر؛ إذ تظهر بيانات دولية عديدة أن الفتيات يتفوقن في معدلات الالتحاق والنجاح في التعليم الثانوي والجامعي في عدد متزايد من الدول، بينما يتراجع حضور الذكور في بعض المسارات الأكاديمية، خاصة في التخصصات الجديدة ذات الصلة بالتكنولوجيا والبحث العلمي في دول معينة.
هذا التحول يثير تساؤلات لدى خبراء التنمية حول مستقبل الأدوار الاقتصادية، وكيفية تجنب أن يتحول تهميش النساء في الماضي إلى تهميش جديد لفئات من الرجال في الحاضر والمستقبل، خصوصاً في البيئات الفقيرة والهشة.
ضغط الأدوار المتناقضة على الرجل المعاصر
بين صورة “الرجل القوي الذي لا يُهزم” وبين الدعوات المتزايدة لأن يكون “حسّاساً، متفهماً، وأكثر حضوراً في التربية ورعاية الأطفال”، يجد كثير من الرجال أنفسهم أمام معادلة ضاغطة: مطالب متصاعدة في العمل، ومطالب جديدة داخل الأسرة، مع مساحة أقل للاعتراف بتعبهم أو هشاشتهم.
وفي مجتمعاتنا العربية، يزداد هذا الضغط تعقيداً بسبب تداخل العادات والتقاليد مع الأزمات الاقتصادية والبطالة والهجرة، ما يضع الرجل أحياناً في مواجهة مباشرة مع أسئلة المعيشة والكرامة والدور الاجتماعي، من دون منظومات كافية للدعم النفسي أو السياسات العامة التي تراعي خصوصية هذه التحديات.
اليوم العالمي للرجال.. فرصة لمراجعة شاملة لا احتفال رمزي
في ظل هذه السياقات، يتحول اليوم العالمي للرجال من مجرد مناسبة رمزية إلى فرصة للتذكير بأن صحة الرجل، الجسدية والنفسية، ليست ترفاً، وأن التعامل الجدي مع قضايا الانتحار، والعنف، وتعاطي المخدرات، والضغوط الاقتصادية، يتطلب مقاربات جديدة تشمل الرجال والنساء معاً.
كما يسلط هذا اليوم الضوء على الحاجة إلى خطاب أكثر توازناً: يدعم حقوق النساء كاملة، وفي الوقت نفسه يعترف بأن للرجال أيضاً مشكلاتهم الخاصة التي تستحق نقاشاً هادئاً بعيداً عن شيطنة أي طرف أو تحويل الصراع بين الجنسين إلى معركة صفرية.
المصدر: موقع أكس+ وكالات
باللغة العربية لتسهيل قراءته. حدّد المحتوى باستخدام عناوين أو عناوين فرعية مناسبة (h1، h2، h3، h4، h5، h6) واجعله فريدًا. احذف العنوان. يجب أن يكون المقال فريدًا فقط، ولا أريد إضافة أي معلومات إضافية أو نص جاهز، مثل: “هذه المقالة عبارة عن إعادة صياغة”: أو “هذا المحتوى عبارة عن إعادة صياغة”:

