تجارب الأسلحة النووية الفرنسية في بولينيزيا الفرنسية
الخلفية التاريخية
تقع بولينيزيا الفرنسية في جنوب المحيط الهادئ وتضم جزيرة تاهيتي، وهي مجموعة جزر تعتبر "جنة" بسبب شواطئها البيضاء وأشجار النخيل ومياهها الفيروزية اللون. ومع ذلك، تحمل هذه المنطقة إرثًا ثقيلًا نتيجة التجارب النووية التي أجرها الجيش الفرنسي على مدى ثلاثة عقود في جزيرتي موروروا وفانغاتوفا المرجانيتين.
تجارب نووية وآثارها
تم إجراء أول تجربة نووية في 2 يوليو 1966 تحت الاسم الرمزي "الدبران". بين عامي 1966 و1996، تم تفجير ما مجموعه 193 قنبلة نووية في هذا الإقليم الفرنسي الواقع وراء البحار، الذي يطلق عليه سكانه اسم "ماوهي نوي". هذه التجارب оставت آثارًا خطيرة، بما في ذلك معدلات عالية من الإصابة بمرض السرطان، وأطفال يولدون بعيوب وتشوهات خلقية، فضلاً عن تلوث المياه والتربة.
الخداع والاعتراف
زعمت الحكومة الفرنسية في ذلك الوقت أن القنبلة الذرية الفرنسية "خضراء ونظيفة جدًا"، وأن هذا يميزها عن القنبلة النووية في هيروشيما. ومع ذلك، هذه الادعاءات كانت مجرد "دعاية فرنسية"، حيث انتشرت السحب المشعة عبر أجزاء واسعة من جنوب المحيط الهادئ ووصل بعضها إلى جزيرة تاهيتي الرئيسية، التي تبعد أكثر من 1000 كيلومتر عن موقع التجربة. في عام 2021، اعترف الرئيس إيمانويل ماكرون بالذنب خلال زيارته لبولينيزيا الفرنسية، قائلًا: "الذنب يكمن في حقيقة أننا أجرينا هذه التجارب".
معاناة ضحايا التجارب النووية
شابة تدعى هينامويورا مورغانت-كروس، نائبة برلمانية في بابيتي، عاصمة تاهيتي، تحارب من أجل حقوق ضحايا التجارب النووية الفرنسية. عائلتها تأثرت بشكل كبير، حيث كانت جدتها مصابة بسرطان الغدة الدرقية، وكذلك حال عمتها ووالدتها. وهي نفسها، المولودة في عام 1988، وشقيقتها تعانيان من مرض السرطان. هينامويورا مورغانت-كروس تطالب بمزيد من الدعم لمواطنيها من الدولة المسببة، فرنسا، وتقول: "لا توجد لدينا الرعاية الطبية التي نستحقها. وبالنسبة للأدوية نحن متأخرون 30 عامًا. ومثلًا لا نملك أجهزة تصوير بالموجات فوق الصوتية. نحن نستحق مستشفيات أفضل وعلاجًا أفضل".
صعوبة الحصول على تعويض
في عام 2010، أقرت الحكومة الفرنسية قانونًا يعد بتقديم تعويضات لضحايا تجارب الأسلحة النووية. ومع ذلك، يعتبر هذا القانون غير كافٍ، حيث يجب على المتضررين إثبات أن مرضهم سببه هذه التجارب، وهو أمر صعب في الممارسة العملية. قائمة الأمراض التي يمكن قبولها كسبب للتعويض محدودة نسبيًا، وبحسب منظمة "الحملة الدولية لإزالة الأسلحة النووية" ICAN غير الحكومية، فقد حصل بين عام 2010 وتموز 2024 على تعويضات من فرنسا 417 شخصًا فقط من سكان بولينيزيا الفرنسية.
التوعية والمستقبل
هينامويورا مورغانت-كروس لا تهتم فقط بالمساعدة العملية، بل تركز كذلك على التوعية. وهي تقول في وطنها ما يزال الاعتقاد سائدًا بأن التجارب كانت شيئًا جيدًا و"نظيفًا" جلب للسكان بعض الازدهار والرخاء. ومع ذلك، هذه الصورة الزائفة لم تحدد بعد الحقيقة حول العواقب التي خلفتها التجارب في الواقع. في المستقبل، يجب أن نتعلم من الماضي ونعمل على منع مثل هذه التجارب من الحدوث مرة أخرى، حيث أن الإشعاع النووي يمكن أن يسبب عيوبًا وراثية يمكن أن تُورث للأجيال اللاحقة.

