الفجوة المتسعة في توزيع الثروة العالمية
في عالم حيث يضطر ملايين الناس إلى العمل لساعات طويلة ولا يكسبون ما يكفي لتغطية نفقاتهم اليومية، هناك نخبة صغيرة من الأثرياء الذين يكسبون في دقيقة واحدة ما يعادل سنوات من الكدح والعمل الشاق لملايين البشر.
إيلون ماسك: 155 ألف دولار في الدقيقة
وفقًا لتصنيف فوربس (سبتمبر 2025)، يُعد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك أغنى رجل في العالم، بثروة تقدر بنحو 342 مليار دولار. بحساب معدل دخله السنوي، يجني ماسك ما يقارب 9.3 مليون دولار في الساعة، أي 155 ألف دولار في الدقيقة الواحدة.
مقارنة صارخة مع المواطن العربي
الأرقام تكشف عن فجوة صادمة: في مصر، لا يتجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السنوي 3,338 دولارًا، أي نحو 9.1 دولار يوميًا. هذا يعني أن دقيقة واحدة من دخل ماسك تعادل 16,946 يومًا عمل لمواطن مصري، أي ما يزيد على 46 عامًا من العمل المتواصل.
وفي المغرب، يبلغ متوسط دخل الفرد السنوي 3,993 دولارًا، أي نحو 10.9 دولار يوميًا. وبذلك تساوي دقيقة واحدة من دخل ماسك 14,167 يوم عمل لمواطن مغربي، أي نحو 38 عامًا من العمل.
أما في السعودية، فالوضع أفضل حالًا، فيصل متوسط الدخل السنوي إلى 35,057 دولارًا، أي ما يقارب 96 دولارًا يوميًا. ورغم هذا المستوى المرتفع مقارنة بباقي الدول العربية، فإن دقيقة واحدة من دخل ماسك تعادل 1,614 يوم عمل لمواطن سعودي، أي أكثر من أربع سنوات ونصف.
الصورة في أوروبا
حتى في الاقتصادات المتقدمة، تبقى المقارنة صارخة. ففي فرنسا، حيث يبلغ متوسط الدخل الفردي السنوي 46,150 دولارًا (126 دولارًا يوميًا)، تعادل دقيقة ماسك 1,226 يوم عمل، أي نحو ثلاث سنوات ونصف.
في إيطاليا، مع دخل سنوي للفرد يناهز 40,226 دولارًا (110 دولارات يوميًا)، فإن الدقيقة الواحدة من دخل ماسك تساوي 1,406 أيام عمل.
وفي ألمانيا، الأعلى أوروبيًا في قائمتنا بدخل سنوي للفرد قدره 55,800 دولار (153 دولارًا يوميًا)، تساوي الدقيقة الواحدة من دخل ماسك 1,014 يوم عمل، أي قرابة ثلاث سنوات.
أثرياء آخرون في القائمة
ولا يقتصر الأمر على ماسك، فوفقًا لفوربس، تبلغ ثروة مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، نحو 216 مليار دولار، بينما تصل ثروة جيف بيزوس، مؤسس أمازون، إلى 215 مليار دولار. ويقدّر دخلهما في الدقيقة بين 57 و59 ألف دولار، أي ما يعادل سنوات من عمل مواطن عادي.
الهوة المتسعة في توزيع الثروة
الأمر لا يتعلق بمقارنات حسابية لافتة فحسب، بل يعكس حقيقة أعمق: تسارع تركيز الثروة في أيدي قلة صغيرة مقابل اتساع رقعة الفقر عالميًا. فبحسب البنك الدولي (2024)، يعيش أكثر من 700 مليون إنسان على أقل من 2.15 دولار يوميًا.
في المقابل، يحصد أثرياء مثل ماسك وزوكربيرغ وبيزوس ثروات فلكية في ثوانٍ معدودة مشهد يجسد الخلل البنيوي في النظام الاقتصادي العالمي.
دقيقة واحدة تكشف الفجوة الضخمة
دقيقة واحدة فقط تكفي لتكشف كل شيء: ملايين البشر يعيشون على دخل يومي بالكاد يغطي احتياجاتهم الأساسية. بينما مجموعة من الأثرياء يكسبون في الدقيقة ما يعادل عقودًا من العمل الشاق لغيرهم.
هذه المفارقة تطرح سؤالًا جوهريًا أمام صانعي القرار والاقتصاديين: إلى أين يتجه العالم مع هذا الخلل المتسارع في توزيع الثروة؟

