الأزمة التشريعية في العراق
خلفية الأزمة
تعيش السلطة التشريعية العراقية في مرحلة دقيقة، حيث يقترب عمر الدورة النيابية من نهايته فيما تبقى ملفات تشريعية عالقة لم تجد طريقها إلى التصويت. الأزمة ليست ظرفاً عابراً، بل تعكس خللاً مؤسسياً في التوازن بين النصوص الدستورية التي تشدد على إكمال النصاب لعقد الجلسات، وبين واقع سياسي انتخابي يتقدم فيه حساب المصلحة على الواجب التشريعي.
حجم القوانين المؤجلة
أوضح النائب مختار الموسوي أن عدد القوانين المؤجلة يتراوح بين اثنين وعشرين إلى ثلاثة وعشرين قانوناً، تشمل تشريعات تتعلق بحقوق الموظفين وأخرى تخص الوزارات والهيئات. هذا الرقم الكبير يكشف أن مجلس النواب عجز عن إنجاز مهماته الأساسية في لحظة سياسية حاسمة، الأمر الذي يعكس ـ وفق قراءات قانونية ـ شللاً تشريعياً بات يتكرر في الدورات المتعاقبة.
أسباب التأجيل
أشار الموسوي إلى أن جداول الجلسات الأخيرة كانت مزدحمة بمشروعات قوانين مهمة لكنها لم تُعقد بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، مؤكداً أن انشغال عدد كبير من أعضاء مجلس النواب بالحملات الانتخابية، وتقاطع المواعيد بين الاستحقاقات السياسية والشخصية، كان وراء غيابهم عن قاعة البرلمان. وفق مقاربات سياسية حديثة، فإن هذا السلوك يعكس تغليب المصلحة الانتخابية على الالتزام التشريعي.
الآثار على الثقة بالبرلمان
إن استمرار هذا التعطيل ستكون له آثار مباشرة على ثقة الشارع بالعملية السياسية، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات التي يُفترض أن تكون لحظة محاسبة للنواب على أدائهم. فالمواطن الذي ينتظر قوانين تعالج قضاياه اليومية سيرى أن المجلس اختار الانشغال بحملاته الانتخابية بدلاً من الوفاء بمسؤولياته.
الخلل في أداء المؤسسة التشريعية
إن تأجيل ما يزيد على عشرين قانوناً إلى الدورة القادمة يمثل انعكاساً واضحاً لخلل في أداء المؤسسة التشريعية، ويفتح الباب أمام تساؤلات عن مدى قدرة البرلمان على القيام بوظيفته في ظل الحسابات الانتخابية الضيقة. وإذا ما استمر هذا النهج، فإن الخاسر الأكبر لن يكون الأحزاب أو النواب فحسب، بل النظام البرلماني برمته.

