تدوينات ترمب على شبكته الاجتماعية: أداة للتأثير والتعبير
خلال الأشهر الستة الأولى من توليه منصبه، جعل دونالد ترمب من شبكته الاجتماعية "تروث سوشال" قناة أساسية لتتبع تقلباته المزاجية من خلال المنشورات التي يدونها بأسلوبه الخاص، بدءاً بالرسوم الجمركية إلى السياسة الخارجية الأميركية وشعاره "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً". تسبق منشورات الرئيس النشط للغاية على هذه المنصة وغيرها في كثير من الأحيان إعلانات رسمية من البيت الأبيض.
تحليل المنشورات
حللت وكالة الصحافة الفرنسية أكثر من 2800 تدوينة نشرها الحساب الخاص لترمب ما بين الـ20 من يناير والـ20 من يوليو 2025، منها 155 بالخط العريض، وأكثر من نصفها تتضمن علامة تعجب واحدة في الأقل. تبرز بعض الرسائل أكثر من غيرها، ففي الـ23 من مارس للترويج لعملته المشفرة "$TRUMP"، كتب الرئيس الأميركي "أعشق $TRUMP – عملة رائعة جداً!!! الأفضل على الإطلاق!!!"، مع 19 علامة تعجب.
التفاعل مع القادة العالمية
في الـ24 من أبريل عندما استهدفت ضربات روسية كييف، خاطب ترمب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائلا "فلاديمير، توقف". ينشر ترمب أيضاً عدداً من المقالات لوسائل إعلام محافظة، أكثرها لـ"فوكس نيوز" و"نيويورك بوست" و"بريتبارت". وسائل الإعلام الثلاث لم تلتزم تماماً بمعايير جمع الأخبار ونشرها بمسؤولية، وفقاً لمنظمة "نيوز غارد" المعنية بمكافحة التضليل الإعلامي.
تأثير شبكة "تروث سوشال"
أطلق الرئيس الذي كان جرى حظره على شبكتي "تويتر" و"فيسبوك" بسبب التحريض على العنف في إطار الهجوم على مبنى الكابيتول، منصته في فبراير 2022. ومنذ ذلك الحين رفع عنه الحظر على الشبكتين، لكنه يفضل استخدام شبكته الخاصة. بحسب مجموعة ترمب للإعلام والتكنولوجيا المالكة للمنصة، تسعى "تروث سوشال" إلى "وضع حد لهجوم عمالقة التكنولوجيا على حرية التعبير".
التأثير على الأسواق المالية
ينشر حساب ترمب الذي يتابعه 10.5 مليون مستخدم، ما معدله نحو 16 منشوراً جديداً يومياً منذ يناير، وهي وتيرة تعادل تقريباً تلك التي سجلت على "تويتر" خلال ولايته الأولى. يعرض ترمب على المنصة لفحوى محادثاته مع بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويعلق على الأخبار الرياضية، ويعلن تعرفات جمركية أو ضربات في الشرق الأوسط، أو يهاجم خصومه السياسيين.
التأثير على وسائل التواصل الاجتماعي
ويقول دارين لينفيل، الأستاذ المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي في جامعة "كليمسون" لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه بفضل "السيطرة التامة على (تروث سوشيال)، لا يكترث ترمب لضرورة الاعتدال". ويضيف أنه "لا يحتاج إلى تكرار منشوراته على منصات أخرى، بمجرد أن يبث منشوراً ما على (تروث) تتناقله منصات أخرى وتعزز انتشاره".
استراتيجية التأثير الإعلامي
ويقول المؤرخ والأستاذ في الإعلام ألفين فيلزينبرغ إن ترمب جعل من تشتيت الانتباه والهيمنة على الأخبار لمواجهة التغطية الإعلامية السلبية "فناً"، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي. وسبق للأستاذ الجامعي أن سلط الضوء على هذا التكتيك للمرة الأولى عام 2018. ويوضح أن منشورات ترمب المتعددة تضطر الصحافيين "إلى الاهتمام بكثير من الأمور".
تأثير منشورات ترمب على الأسواق
وبعيداً من الإعلام، باتت "تروث سوشال" أيضاً أداة للتأثير في أسواق المال. في الـ10 من مارس 2025 مع التراجع الحاد للبورصات، أغرق الرئيس حسابه الشخصي بمقالات تنقل تحليلات اقتصادية ذات نظرة متفائلة. وفي التاسع من أبريل، بعد تراجع أسواق الأسهم على مدى أيام خشية الحرب التجارية التي أطلقها ترمب ضد عدد من دول العالم، كتب "حان وقت الشراء!!!". بعد ساعات أعلن تعليق بدء تطبيق الرسوم الجمركية على دول عدة باستثناء الصين، لمدة 90 يوماً.
استنتاج
أدى ذلك إلى تحقيق بورصة "وول ستريت" مكاسب فورية مذهلة. قال ستيفن إينيس من شركة "إس بي آي" لإدارة الأصول "قد لا تتمتع ’تروث سوشيال‘ بقوة ’تويتر‘، لكنها مؤثرة بما يكفي لتحريك الأسواق". مع استمرار ترمب في استخدام منصته للتفاعل مع القادة العالمية والتأثير على الأسواق المالية، يبرز دور "تروث سوشال" كأداة استراتيجية في عالم السياسة والاقتصاد.

