تاريخ القاهرة بين أسوارها القديمة
الفسطاط.. عاصمة مصر الأولى
كانت عاصمة مصر في البداية هي الإسكندرية، ولكن مع بداية الفتح الإسلامي، انتقلت إلى الفسطاط، وهو المكان الأول الذي نزل فيه القائد عمرو بن العاص. وبمرور الوقت، نشأت مدينة العسكر، وبعدها القطائع العاصمة التي أنشأها أحمد بن طولون.
حريق الفسطاط
كانت بيوت الفسطاط قريبة للبيوت الشامية والبغدادية، يصل علوّها إلى خمسة أدوار، لكن معالمها اندثرت بعد الحريق الذي اندلع فيها، وأدى إلى اتجاه سكانها لبناء بيوتهم خارج أسوار القاهرة، عاصمة الفاطميين، الذين جعلوها مدينة مغلقة خاصة بعلية القوم، يفصلهم عما حولهم أسوار عددها تسعة.
أسوار القاهرة
لم يسمح الفاطميون للعامة بالحياة داخل أسوار القاهرة، التي كانت مدينة الصفوة، لكن بانتهاء حكمهم ودخول الأيوبيين مصر، تم السماح لهم بالبناء داخل أسوار القاهرة.
المماليك.. شغف بالفن والعمارة
بعد الأيوبيين، حكم مصر المماليك الذين عُرفوا بعشقهم للجمال والفن والعمارة، بقدر حبهم للحروب والمؤامرات. وحتى اليوم بقيت آثارهم خاصة في منطقة القاهرة الفاطمية، أو ما نُطلق عليه الآن شارع المعز، الذي يضم المدارس والجوامع والحمامات والقباب الضريحية، فضلاً عن بيوت الأمراء وتجارة الذهب والنحاس والخيامية.
التكية للمتصوفين
كذلك ظهرت التكية، وهي المكان الذي ينقطع فيه المتصوّف للعبادة، ولها تخطيط خاص قريب الشبه بتخطيط المدارس والمساجد المملوكية، والوكالات وهي الفنادق قديماً، وكان أغلبها يضم محلات على واجهتها الخارجية، يعرض فيها التجار بضاعتهم التي جاءوا بها من الخارج.
البيوت المملوكية
سكن سلاطين المماليك قلعة صلاح الدين، وبنى أمراؤهم بيوتاً أصبح ما بقي منها نموذجاً للإبداع المعماري، وأشار الكتاب إلى عدد من هذه البيوت التي لا تزال موجودة حتى اليوم، ومنها قصر الأمير بشتاك، وقصر الأمير طاز، وبيت الرزاز، وبيت الكريتلية.
قصر الأمير بشتاك
كان بشتاك قبل قدومه إلى مصر بائعاً للخمر، لكنه كان شديد الشبه بأبي سعيد، خان مغول فارس، وكانت المفارقة أن السلطان الناصر كان قدطلب من تاجر الرقيق السلطاني، مجد السلامي، أن يشتري له مملوكاً يُشبه أبا سعيداً، وهكذا جاء مصر، وأعتقه السلطان الناصر، وعندما أراد أن يبني قصراً اشترى المنازل المجاورة للمساحة المخصصة له، وهدم 11 مسجداً و4 معابد، وشيّد قصراً عظيماً، لكن المفارقة أنه شعر بكرهه، وكان صدره ينقبض كلما نزل به.
قصر الأمير طاز
هو القصر الوحيد الباقي وشبه الكامل من قصور أمراء المماليك، وهو قصر مهيب في شارع السيوفية، تمتد جدرانه الحجرية، وتقطعه بعض الدكاكين التي أضيفت إليه لاحقاً، وتقود بوابته الرئيسية إلى فناء مربع ثم رئيسي، يضم مقعد الأمير بسقفه الخشبي، ويلفّه شريط مكتوب عليه الآيات الخمس الأولى من سورة الفتح.
بيت الرزاز
عام 1480 قرّر السلطان قايتباي إنشاء دار في المسافة الفاصلة بين القلعة وباب زويلة، ولا تزال جدران الدار تحمل اسم السلطان في شريط يُزين مدخل القاعة المُطلة على الفناء.
بيت الكريتلية
عام 1540، بنى المعلم عبد القادر الحداد بيتاً على الطراز المملوكي، يتألف من ثلاثة طوابق، بجانب مسجد أحمد بن طولون الشهير، وبمرور الوقت، انتقلت ملكيته لتصل إلى السيدة آمنة بنت سالم.
خصوصية البيوت القاهرية
يؤكد الكتاب أن تفرّد البيوت القاهرية، لا يعود للعناصر المعمارية التي تجعله من الخارج والداخل أشبه بقلعة متناغمة الجمال، وإنما بقدرته على رعاية خصوصية سكانه أيضاً، بداية من المدخل المنكسر الذي يحفظ حرمة الدار، وثقافة المقعد الذي يجلس فيه أهل الدار، والسلاملك لاستقبال الضيوف الرجال، وحتى المساحات المزروعة والحمامات الخاصة.