تطوير تقنية إشعاعية جديدة لحماية القلب أثناء علاج سرطان الرئة
كشف باحثون في مؤسسة “كريستي”، التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في مانشستر بالمملكة المتحدة، عن نتائج أولية مشجِّعة تعتمد نهجاً تعليمياً سريعاً لتقييم تأثير تعديل جرعة الإشعاع على القلب أثناء العلاج الإشعاعي لسرطان الرئة.
تشير الدراسة، التي عُرضت خلال مؤتمر الجمعية الأوربية للعلاج الإشعاعي والأورام (ESTRO 2025)، إلى تحسّنٍ طفيف في معدلات النجاة بعد عام، بفضل تقنية إشعاعية جديدة تهدف إلى حماية الجزء العلوي الحسَّاس من القلب من التعرض الزائد للإشعاع.
أظهرت أبحاث سابقة أن الجزء العلوي من القلب يعتبر أكثر حساسية للإشعاع، وأن تعرَّضه لجرعات عالية يرتبط بانخفاض معدل البقاء على قيد الحياة.
تقنية جديدة في العلاج الإشعاعي
استناداً إلى تلك المعطيات، طبّق الفريق الطبي تقنية جديدة في العلاج الإشعاعي تُقيّد الجرعة الموجَّهة إلى تلك المنطقة الحساسة من القلب، دون أن تؤثر على تغطية الورم نفسه.
استُخدِم هذا التعديل في الممارسة السريرية الروتينية في أبريل 2023، وتم دمجه ضمن إطار دراسة تهدف إلى استيعاب أكبر عدد ممكن من المرضى، دون القيود المعقَّدة المعتادة في التجارب السريرية التقليدية.
تعمل الدراسة -المعروفة باسم RAPID-RT – بنهج مبتكر يُعرف بـ”التعلم السريع”، إذ تُدمَج بيانات المرضى اليومية، مجهولة الهوية، ضمن الدراسة تلقائياً ما لم يختاروا الانسحاب.
تقليل التعرض القلبي
وسمحت هذه الطريقة بجمع بيانات من 1708 مرضى بسرطان الرئة من المرحلة الأولى حتى الثالثة، تلقى 786 منهم التقنية الجديدة لتقليل التعرض القلبي منذ أبريل 2023، بينما خضع الباقون للعلاج التقليدي.
تعتمد التقنية الجديدة لتقليل تعرُّض القلب في العلاج الإشعاعي، على استخدام صور تخطيط دقيقة لتحديد “منطقة تجنّب القلب”، وبعد تحديد هذه المنطقة ضمن برمجيات تخطيط العلاج، يتم تعديل خطط توزيع الجرعة الإشعاعية.
ويقول الباحث المشارك في الدراسة، جاريث برايس، إن الهدف من تلك الدراسة جعل البحث السريري أكثر تمثيلاً للواقع والتعلُّم من كل مريض، وليس فقط من أولئك الذين تنطبق عليهم معايير صارمة.
البقاء على قيد الحياة
وتشير النتائج الأولية إلى تحسُّنٍ طفيف في البقاء على قيد الحياة بعد 12 شهراً من تطبيق التقنية الجديدة، كما أن قبول المرضى للمشاركة كان شبه كامل.
ومن المتوقع أن تعزز هذه المنهجية فرص تطبيق تعديلات سريعة ومباشرة على بروتوكولات العلاج، بناءً على بيانات واقعية لا محاكاة تجريبية.
وقال رئيس مؤتمر الجمعية الأوربية للعلاج الإشعاعي والأورام، ماتياس جوكينبيرجر، إن التكنولوجيا وحدها لا يمكنها صناعة ثورة في العلاج الإشعاعي، بل الطريقة التي نتعلم بها ونطوّر بها العلاج أيضاً، وهذه الدراسة نموذج حيّ لكيفية استخدام البيانات الواقعية لتقديم رعاية أكثر أماناً وفاعلية.
وستستمر الدراسة في متابعة المرضى، وتوسيع قاعدة البيانات، بهدف التأكد من تأثير التقنية على المدى الطويل، خصوصاً فيما يتعلق بالنجاة، ونوعية الحياة، وتقليل الأضرار القلبية.