اليوم العالمي للاحمية: استعادة المعنى والتعامل مع الجسد
ما هو اليوم العالمي للاحمية؟
في السادس من مايو (أيار) من كل عام، يُحتفى باليوم العالمي للاحمية. هذا اليوم لا يُحتفى به كمناسبة للترويج لحميات غذائية جديدة، بل بالأحرى كفرصة لإعادة التفكير في علاقتنا مع الطعام والجسد.
تاريخ اليوم العالمي للاحمية
أُطلق هذا اليوم عام 1992 بمبادرة من الناشطة البريطانية ماري إيفانز يونغ، كرد فعل على ثقافة النحافة القسرية ومعايير الجمال المستحيلة التي تفرض على الأجساد، لا سيما عبر الإعلام والإعلانات ومنصات التواصل. اليوم، أصبحت الحمية أكثر من مجرد استجابة لحاجة بيولوجية، بل تحولت إلى ساحة صراع اجتماعي ونفسي وثقافي. الجسد غالباً ما يُحاسب ويُقيم ويفهم كعبء أو عدو، وليس ككيان حي يرافقنا.
أهمية الوعي بالجسد
لا يمكن اختزال هذا الصراع في جدول ورقي يعلق على باب البراد أو في تحد رقمي ينتشر على منصات التواصل الاجتماعي لمن يخسر وزنه أسرع. بل هو قصة أعمق تستدعي وعياً علمياً وثقافياً يعيد للجسد مكانته الطبيعية، رفيقاً لا مشروعاً مؤجلاً للتعديل.
نقص التأهيل وتحويل الحمية إلى سباق
تحذر أخصائية التغذية كيندا صنديد من الخلط بين مفهومي "الوزن المثالي" و"الصحة المثلى". تؤكد أن النظام الغذائي المتوازن لا يصح إلا إذا استند إلى معايير علمية دقيقة تراعي توازن العناصر الغذائية. هذا لا يعتبر ترفاً نظرياً بل ضرورة فيزيولوجية لضمان الوظائف الأساسية للجسد.
تجاهل إشارات الجسد التحذيرية
تجاهل الإشارات التحذيرية التي يطلقها الجسد عندما يساء التعامل معه غذائياً يعتبر إشكالياً آخر. كثيرات يعانين من دوار مزمن وتساقط الشعر وضعف التركيز أو حتى اضطرابات في النوم والإباضة، ويقنعن أنفسهن بأن هذه الأعراض "ثمن طبيعي لدايت ناجح".然而، هذا ليس مقبولاً في عام 2025، حيث يجب أن يُبرر أحد الإعياء والتعب بحمية غذائية.
العلاقة بين الجسد والثقافة
الجسد لا يعتبر مادة بيولوجية وحسب، بل رمز ثقافي يتشكل ضمن شبكات من التوقعات الجندرية والقيم المجتمعية والضغوط الإعلامية. حب الجسد يجب أن يُعامل كأداة لبناء هوية نفسية صلبة، بخاصة في أعوام المراهقة حين تتكون الذات.
التربية الإعلامية النقدية
تدعو الباحثة إلى إدراج مفاهيم التربية الإعلامية النقدية في التعليم وتعزيز وعي المستخدمين بأن الصور الرقمية التي يتلقونها ليست سوى نتاج اختيارات مدروسة وفلاتر اصطناعية. كما تشدد على أهمية تنويع تمثيل الأجساد في الإعلام لأن الظهور هو أول خطوة نحو القبول.
استعادة المعنى
في النهاية، تقترح الباحثة نقل التركيز من مظهر الجسد إلى تجربته، معتبرة أن العيش داخل الجسد بوعي وحب هو المدخل لعلاقة صحية مع الذات. حب الجسد ليس رفاهية عاطفية بل ضرورة نفسية ووجودية. الإصغاء إلى التجارب الشخصية وفهم الأنظمة الثقافية التي تُنتج صور الجسد المثالي هما السبيل الأول نحو التحرر من عبودية المظهر.
اليوم العالمي للاحمية: رسالة امید
في اليوم العالمي للاحمية، تُرفع راية الوعي، لا لخسارة الوزن بل لاستعادة المعنى. بين أخصائية التغذية التي تحمي الجسد بالعلم، والباحثة التي تفكك رموزه الثقافية، تظهر الحاجة إلى خطاب جديد يحمي الإنسان من فوضى الأرقام ويمنحه فرصة ليحب جسده كما هو، لا كما يُراد له أن يكون.