اضطرابات الأكل: خطر على الصحة الجسدية والنفسية
تُشكل اضطرابات الأكل إحدى الحالات الخطرة التي تؤثر في الصحة الجسدية والنفسية، وترتبط بالاكتئاب والقلق وإيذاء النفس والأفكار السلبية في الطعام والأكل والوزن والشكل، وتؤدي إلى أمراض طويلة الأمد، وربما تُسبب الوفاة في حال عدم الحصول على العلاج في الوقت المناسب، ولذلك يجب التركيز على العودة إلى عادات الأكل الصحية وتعلم التغذية السليمة التي يحتاجها الجسم.
يقول د. سلمان كريم، أخصائي الطب النفسي: إن نهم الطعام يُعد الأكثر شيوعاً في قائمة اضطرابات الأكل، ولكن لا يدركه العديد من الأشخاص، وهو لا يتعلق بضعف ضبط النفس، بل هو حالة صحية نفسية حقيقية ناجمة عن عوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية، ويستهدف مختلف الأعمار، ويبدأ عادة في مرحلة المراهقة أو بداية البلوغ، ولكنه قد يظهر في أي عمر.
ويوضح أن اضطراب نهم الطعام يتطور نتيجة مجموعة من العوامل، منها الوراثة، والتوتر، انخفاض تقدير الذات، الصدمات النفسية، المشاعر الصعبة، ويستخدم الكثير من الناس الطعام كوسيلة لتهدئة الألم العاطفي مؤقتاً أو كآلية للتكيف، وتسهم الحميات الغذائية، ومخاوف صورة الجسم، والضغوط أيضاً في ذلك.
ويضيف د. سلمان كريم: يساعد العلاج المعرفي السلوكي الأشخاص على فهم المحفزات، وتغيير الأفكار السلبية، وبناء مهارات التأقلم بشكل أفضل، ويركز العلاج التفاعلي على العلاقات والأنماط العاطفية، ويمكن للأدوية أن تقلل من تكرار نوبات الشراهة، ويفيد الإرشاد الغذائي المنظم في استعادة عادات الأكل الطبيعية، ويكون التعافي ممكناً للغاية عند الدعم المبكر للحالة.
ويوضح أن متلازمة الاجترار تتمثل في عودة الطعام الذي تم تناوله مؤخراً إلى الفم بشكل متكرر ودون عناء، ولا يصنف تقيؤاً، بل يحدث دون غثيان أو ألم، وعادةً ما يحدث في غضون دقائق من الانتهاء من الوجبة، حيث تُشكل عضلات البطن والحجاب الحاجز نمطاً تلقائياً ومكتسباً من الانقباض بعد تناول الطعام، وربما يُسهم التوتر أو القلق أو عدم الراحة بعد الوجبات في حدوثها، ولكن يُصاب بها الكثير من الناس دون سبب واضح.
ويتابع: تُصيب هذه المتلازمة الرضع والأطفال والبالغين، وتصيب أحياناً الذين يعانون حالات مرتبطة بالنمو أو القلق، ويُعد العلاج فعالاً، كونه يركز على التنفس الحجابي.
عوامل بيولوجية
د. محمود نجم، استشاري الطب النفسي، يوضح أن الشره العصبي هو اضطراب نفسي يرتبط بالأكل يتميز بنوبات متكررة تبدأ بالإفراط في تناول الطعام، تليها سلوكيات تعويضية تهدف إلى منع زيادة الوزن، وتشمل الأسباب، العوامل البيولوجية حيث يزيد اختلال مسارات السيروتونين والضعف الجيني من خطر الإصابة، والعوامل النفسية وتتمثل في تدني تقدير الذات، والاندفاع، والانشغال المفرط بوزن الجسم وشكله، والضغوط الاجتماعية والتجارب المؤلمة، والإهمال العاطفي.
ويتابع: يستهدف الشره العصبي المراهقين والشباب، وخاصة الإناث، على الرغم من أن الاضطراب يصيب الذكور أكثر من السابق، وكذلك الرياضيين الممارسين لألعاب تُركز على التحكم في الوزن، وتشمل الأعراض نوبات متكررة من الإفراط في تناول الطعام وبكميات كبيرة بشكل غير عادي من الطعام مع الشعور بفقدان السيطرة، وتليها سلوكيات تعويضية مثل التقيؤ الذاتي، وإساءة استخدام الملينات أو مدرات البول، والصيام، أو الإفراط في ممارسة الرياضة، وعادة ما يحافظ المصابون على الوزن الطبيعي ما يُقلل من ظهور الاضطراب.
ويضيف: تتمثل العلامات النفسية في الشعور بالذنب، والخجل، والتكتم على تناول الطعام، والمبالغة في تقدير الوزن، وتتراوح المضاعفات الجسدية بين اختلال توازن الأملاح، وتآكل الأسنان، وتورم الغدد اللعابية، ومشاكل الجهاز الهضمي، واضطرابات نظم القلب.
ويشير إلى أن العلاج الفعال يعتمد على تعدد التخصصات، ويُعد العلاج السلوكي المعرفي المُحسن هو المعيار الأمثل، إذ يُركز على تطبيع أنماط الأكل، وتقليل نوبات الشراهة والإفراط في تناول الطعام، ومعالجة المعتقدات الخاطئة حول الوزن وصورة الجسم.
ويوضح د. نجم أن اضطراب الطعام التجنبي/المقيد، ينشأ لدى الأشخاص الذين لديهم حساسية مفرطة لقوام الطعام، أو روائحه، أو نكهاته، ويرتبط غالباً بخصائص النمو العصبي، ويؤدي إلى نقص التغذية، وفقدان الوزن، أو اختلال نفسي واجتماعي كبير، وتشمل أسبابه عادةً الحساسيات الحسية، أو التجنب بدافع الخوف، أو انخفاض الاهتمام بالطعام، وربما يتطور بعد حادثة اختناق، أو نوبة قيء، أو انزعاج هضمي شديد، ما ينجم عنه خوف مشروط من تناول الطعام، ويعاني البعض من انخفاض الشهية بشكل طبيعي أو تأخر في الوعي الداخلي، ما يجعلهم غير مبالين بإشارات الجوع.
ويضيف: يعد اضطراب الطعام التجنبي شائع لدى الأطفال والمراهقين، ولكنه قد يستمر حتى مرحلة البلوغ، وينتشر هذا الاضطراب بشكل خاص بين المصابين باضطراب طيف التوحد، أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو اضطرابات القلق، وذلك بسبب اختلافات المعالجة الحسية المتزايدة وأنماط السلوك الجامدة، ويكون التأثر أكثر بقليل في مرحلة الطفولة مقارنة باضطرابات الأكل الأخرى.
عادات خطرة
فقدان الشهية العصبي هو خوف شديد من زيادة الوزن، ما يدفع المصابين إلى تقليل تناول الطعام بشكل كبير، وغالباً ما يرى المصابون أنفسهم بجسم زائد حتى في حالة خسارة الوزن، وفقاً للمعالجة المعرفية والسلوكية كارولين يافي، وتقول: إن هذه الحالة تؤدي إلى عادات غذائية خطرة وصورة مشوهة عن أجسامهم، وتشمل العوامل التي تسهم في الإصابة: الوراثة، المشكلات النفسية كالقلق والسعي للكمال، والضغوط الاجتماعية والتعرض للصدمات.
وتتابع: ينتشر هذا الاضطراب بشكل شائع بين الفتيات في سن المراهقة والشابات، ويصيب الرجال أيضاً من مختلف الأعمار، وقد تؤدي بعض المهن مثل عرض الأزياء والرياضات التنافسية إلى تضخيم الهوس بصورة الجسم والمظهر الخارجي.
وتؤكد كارولين يافي أن هذه الحالة تظهر على شكل فقدان كبير في الوزن، وخوف مفرط من زيادة الجسم، وانشغال غير صحي بالطعام والحمية الغذائية، إلى جانب آثار جسدية مثل التعب والدوخة، وتتضمن رحلة التعافي دعماً غذائيا

