صرعة الإطلالة: من البقاء على قيد الحياة إلى التدين
البقاء على قيد الحياة
صرعة "الإطلالة" لم تعد محاولة للبقاء على قيد الحياة، أو ضخّ دماء الصحافة الشابة أو الخفيفة في جسد شاخ أو كاد، أو حتى مغامرة لنيل جزء من كعكة "ترند" السوشيال ميديا. في السنوات القليلة الماضية، تسللت إلى وسائل الإعلام المصرية عناوين تتناول الإطلالات، لا سيما الجريئة. حاولت "الإطلالات الغريبة" أن تنافسها، لكن ظلت الجريئة مهيمنة.
التوسع والتمدد
هذه الهيمنة توسّعت وتمددت على مدار العقد الماضي، لتصبح منظومة قائمة بذاتها. وفي هذا التوسّع، أصبحت أداة سهلة يستخدمها فريق لترويج أيديولوجيا وأفكار لا علاقة مباشرة للإطلالة بها، إضافة إلى تحوّلها إلى نقطة جذب مؤكدة لمزيد من المشاهدة والمتابعة، وهو ما يعني ربحاً ومنفعة.
الإطلالة الجريئة
تعريف "الإطلالة الجريئة" يختلف بحسب الثقافة السائدة في مجتمع ما. بشكل عام، تشير عبارة "الإطلالة الجريئة" إلى الإطلالات غير التقليدية أو المتميزة أو التي تكسر القواعد المألوفة. "الجرأة" في عواصم الموضة ألوان قوية ومتباينة، وخطوط صادمة، والتأثيرات البصرية الحادة، وخروج عن المألوف. وفي عواصم الموضة، يجري ترجمة "الإطلالات الجريئة" على أنها طريقة للفت الانتباه، أو التعبير عن الشخصية، وأحياناً وسيلة للعلاج النفسي أو الهروب من مشكلات أو غيرها.
إصدار الأحكام
إصدار الأحكام على الآخرين يعد جزءًا من المنظومة. ترضي عملية إصدار الأحكام النفس البشرية بطرق مختلفة، ولأسباب شتى. في ورقة عنوانها "تقييم الناس: لماذا نفعل ذلك وما الثمن الذي ندفعه؟" نشرها موقع "هارلي ثيرابي" تجيب المعالجة النفسية شيري جاكبسون عن السؤال. تقول إن "عادة" إصدار الأحكام على الآخرين تحقق للشخص هدف جذب الانتباه، لا سيما حين يكون رد فعل المحيطين الاهتمام بالحكم، أو الموافقة عليه، أو حتى الضحك إذا كان الحكم ساخراً.
التدين من بوابة الإطلالة
في الأشهر الماضية، اكتشف ناشطون إسلاميون ومتبرعون لنشر الثقافة الدينية "الملتزمة" منجم "الإطلالة الجريئة" بالغ الثراء. ينقرون، يطلعون، يتركون تعليقاً لا يخرج عادة عن صبّ اللعنات على الفاسقين والفاسقات، أو توجيه الاتهامات إلى الفن وأهله بهدم الدين ونشر الرذيلة في المجتمعات. ومنهم من ينقل غزوة "الإطلالة الجريئة" إلى مرحلة أعلى، حيث يشاركها على صفحاته على السوشيال ميديا، ليحلق في آفاق الدعوة الشعبوية محذراً بنبرات دينية قوية معضدة بآيات قرآنية وأحاديث نبوية من الحرب، التي يتعرض لها الدين، تاركاً المجال للمتابعين والمريدين لإنجاز بقية المهمة.

