الاحتجاجات في بغداد: صراع على الأرقام أم أزمة ثقة؟
لا تبدو الاحتجاجات التي شهدتها بغداد مؤخرا من قبل عدد من مرشحي التحالفات السياسية مجرد رد فعل غاضب على خسارة مقاعد نيابية، بقدر ما تعيد فتح ملف أقدم وأعمق يتعلق بثقة العراقيين بصناديق الاقتراع نفسها.
تقييم الخبير التميمي
الخبير في الشأن السياسي والانتخابي محمد التميمي يعلق على تداعيات وتأثيرات الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة مؤخرا، معتبرا أنها “تعبر عن مستوى متصاعد من عدم الرضا عن نتائج انتخابات مجلس النواب”. ويضيف أن هذه الاحتجاجات “تكشف عن جملة من الأسباب المحتملة التي تقف خلف تنامي الشكوك لدى المرشحين”، مشيرا إلى أن استمرار الضغط الشعبي والسياسي “قد يؤدي إلى إعادة تقييم الإجراءات الفنية للمفوضية، وربما فتح الباب لمراجعات أوسع في آليات إدارة العملية الانتخابية”.
الاحتجاجات في بغداد
تجسدت هذه الشكوك عبر وقفات واعتصامات لمجموعة من المرشحين في بغداد تحدثوا صراحة عن “سرقة الأصوات” و”مصادرة الجمهور” خلال الانتخابات الأخيرة، مطالبين بإعادة العد والفرز اليدوي لضمان “استرجاع حقوقهم”. المرشحون المحتجون يؤكدون أن النتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات “لم تعكس حجم الدعم الشعبي” الذي لمسوه في حملاتهم.
تأثيرات الاحتجاجات
لم تكن الاعتراضات الحالية التي تقدم بها المرشحون إلى المفوضية حدثا عابرا أو محدودا؛ إذ تجاوز عددها ثمانمئة اعتراض رسمي خلال الأيام الأولى بعد إعلان النتائج، وهو رقم ثقيل يكشف حجم التشكيك البنيوي بسلامة العملية الانتخابية.
التاريخ الانتخابي للعراق
في ضوء هذه السوابق، يبدو واضحا أن ما يجري اليوم في بغداد ليس استثناء، بل حلقة جديدة في سلسلة الارتياب الانتخابي المزمن. كل دورة انتخابية تقريباً تشهد تعديلات في القوانين والإجراءات، لكن النتيجة النهائية تبقى واحدة: جزء من الشارع يخرج أقل ثقة مما دخل، وجزء من النخب يتعامل مع النتائج بوصفها “اقتراحا أوليا” قابلا للتعديل بالضغط والاعتراض.
استعادة الثقة
أمام هذا السياق المتراكم، تبدو توصية التميمي في ختام حديثه أقرب إلى خارطة طريق اضطرارية: “الاحتكام للإجراءات القانونية والاستجابة المنطقية لمطالب التدقيق هو الطريق الأمثل لحسم الجدل وضمان استقرار البيئة الانتخابية”.

