صراع الحقائب الوزارية في العراق: تحديات ومسارات محتملة
الوضع الراهن
مع اقتراب القوى السياسية من المفاوضات الحاسمة لتشكيل الحكومة الجديدة، يتجه المشهد السياسي في العراق نحو صراع متصاعد على الحقائب الوزارية. هذا الصراع لا يبدو أنه سيحسم قريباً، بل مرشحٌ لأن يُعيد تشكيل خارطة التحالفات ويطيل عمر المرحلة الانتقالية في البلاد. تختلط حسابات النفوذ بالملفات الاقتصادية والأمنية، ما يجعل تشكيل الحكومة عملية معقدة تتجاوز مجرد توزيع الوزارات.
رؤية الخبراء
الاكاديمي والباحث السياسي مصطفى الطائي يرى أن العراق أمام “صدام وشيك” بين الكتل حول الوزارات السيادية والخدمية. هذا الصدام سيضع المفاوضات على مسار طويل ومتشابك. ويقول إن البلاد تتجه نحو صراع سياسي محتدم على الحقائب الوزارية خلال المرحلة المقبلة، وأن التنافس المتوقع بين القوى حول الوزارات المؤثرة سيؤدي إلى تعقيد مفاوضات تشكيل الحكومة ويطيل عمر المرحلة الانتقالية.
ملفات استراتيجية
يتعلق التنافس لا بالجانب التنفيذي للوزارات فقط، بل بملفات استراتيجية ذات وزن كبير: الاقتصاد، الطاقة، الأمن، الخدمات، والموارد السيادية للدولة. كل وزارة من هذه الوزارات تمثل بوابة نفوذ سياسي مباشر وقدرة على التأثير في مسار الدولة خلال السنوات المقبلة، وهو ما يدفع الكتل إلى التشبث بمواقع معينة وعدم التراجع عنها.
مسارات محتملة
مع تشابك هذه الحسابات، يبرز ثلاثة مسارات محتملة ستحدد شكل المرحلة المقبلة:
– تأخر تشكيل الحكومة نتيجة دخول المفاوضات في دائرة مساومات معقدة.
– إعادة رسم خارطة التحالفات السياسية، حيث تسعى بعض القوى إلى تغيير مواقعها أو الدخول في تفاهمات جديدة لتعزيز حصتها الوزارية أو منع قوى منافسة من السيطرة على الوزارات المؤثرة.
– الأداء الحكومي المقبل، حيث يحذر الطائي من أن التنافس الحاد قد يؤدي إلى اختيار وزراء وفق اعتبارات سياسية بحتة على حساب المهنية، ما يهدد كفاءة العمل التنفيذي ويعطل مستوى الخدمات.
الوزارات الحساسة
تبرز وزارات مثل المالية والداخلية والدفاع والطاقة والكهرباء والخارجية كمحور تنافس شديد، نظراً لحجم ملفاتها وحساسيتها داخل الدولة. في وقت يرى مراقبون أن العراق يقف على عتبة مرحلة سياسية جديدة قد تحمل فرصاً لإعادة التوازن، إلا أنها قد تحمل أيضاً مخاطر تتعلق بالاستقرار الحكومي وبقدرة الدولة على اتخاذ قرارات مصيرية في توقيت دقيق.
مستقبل التشكيلة الوزارية
يبقى مستقبل التشكيلة الوزارية محكوماً لإرادة التفاهمات — أو غيابها — في الأسابيع المقبلة. بين صراع الحقائب وتمدد حكومة تصريف الأعمال، يبقى التطورات السياسية في العراق محط أنظار المراقبين، حيث يتأرجح الوضع بين الأمل في تشكيل حكومة قادرة على تحقيق الاستقرار والتقدم، وخشية استمرار الأزمة السياسية وتأثيرها السلبي على البلاد.

