الذكاء الاصطناعي في الصحافة: دروس من المهرجان العالمي
مقدمة
قدم مهرجان "جورناليزم إيه آي" أحدث التجارب العملية التي اعتمدتها مؤسسات إعلامية دولية في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل غرف الأخبار، مع التركيز على دروس واضحة حول النجاح والإخفاق، وحدود الاستخدام المسؤول.
التجارب العملية
فايننشال تايمز
اعتمدت المؤسسة على الذكاء الاصطناعي في الترجمة وإنتاج الملخصات والتفاعل مع القرّاء، كما استخدمت نماذج توليد النقاشات بهدف تعزيز الشفافية. أدى ذلك إلى ارتفاع التعليقات بنسبة 3.5٪، لكن وجود تنويه بأن المحتوى مُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي دفع بعض المشتركين إلى إلغاء اشتراكاتهم.
الغارديان
أدخلت منصة "غوغل جيميناي" إلى غرفة الأخبار، مع تدريب موسّع وتشجيع الصحفيين على التجربة. أظهر استطلاع داخلي أن نصف الموظفين وجدوا وتيرة التغيير مناسبة، بينما انقسم النصف الآخر بين من اعتبرها بطيئة جداً ومن رأى أنها سريعة.
بي بي سي
شكّلت فريقاً متخصصاً لاختبار الترجمة وإعادة استخدام المحتوى وأتمتة سير العمل، مع مراجعة بشرية إلزامية قبل النشر. سمح النهج البطيء والمدروس بتحسين الأسلوب التحريري، وزاد من تقبّل الصحفيين للتغييرات.
وكالة الأنباء الألمانية
جمعت بين التطوير الداخلي والشراكات التقنية لإطلاق أدوات بحث معزّزة بالذكاء الاصطناعي تُحدّث الأرشيف كل ثلاث دقائق، ما خفّض ساعات البحث إلى دقائق، ورفع من رضا الموظفين والعملاء.
سكرول ميديا – الهند
قدّمت محتوى تفاعلياً لنحو 700 مليون مستخدم للهاتف، وجرّبت تحويل النصوص إلى فيديو متعدد اللغات. إلا أن التجارب كشفت تحدّيات واضحة: عناوين آلية غير مقنعة، وصور رمزية لم تلقَ قبولاً لدى الجمهور.
السورفي – باراجواي
شاركت المجتمعات المحلية في تسجيل بيانات صوتية بلغة الغوارانية للتحقق منها وتدريب النماذج اللغوية. ارتفع معدل التحقق من البيانات من 11٪ إلى 16٪، وعزّز المشروع الارتباط بالمجتمع وفتح مصادر تمويل إضافية.
ديلي مافريك – جنوب أفريقيا
استخدمت تحليلات الذكاء الاصطناعي لفهم سلوك الزوار داخل صفحة العضوية، فاكتشفت أن 75٪ منهم يغادرون مبكراً، ما دفعها لإعادة تصميم الصفحة وتخصيص الرسائل. تضاعف معدل التحويل، وانضم أكثر من ألف عضو جديد إلى منصّتها المجتمعية.
الاستنتاج
تلك التجارب خلصت إلى نتيجة مركزية: الذكاء الاصطناعي قادر على تعزيز الإنتاجية والابتكار، لكنه يفشل حين يُستخدم بوصفه بديلاً عن حسّ الصحافة ومعايير المهنة. مستقبل الذكاء الاصطناعي في الصحافة لن يكون سباقاً للسرعة، بل سباقاً للدقة والاتزان، مع اعتماد تدريجي ومسؤول يحفظ ثقة الجمهور ويعزز جودة المحتوى.

