التطورات الأخيرة في المشهد الأمني السوري
الخلفية
يتجه المشهد الأمني في سوريا نحو تغيرات جذرية مع تصاعد المعلومات حول إعادة تموضع القوات الأمريكية في شمال وشرق سوريا. تتضمن هذه التحركات انسحاب القوات الأمريكية من مناطق سيطرة "قسد" وتفكيك قواعدها، مع نقل جزء من هذا الوجود إلى قاعدة جديدة في العاصمة دمشق. هذه التحركات لا تعتبر مجرد إعادة انتشار عسكري، بل تمثل "إعادة صياغة للخرائط" ضمن مقاربة أمريكية جديدة تتجه بوضوح نحو دمشق بوصفها محور الاهتمام المقبل لواشنطن.
تأثيرات على الأمن العراقي
الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية جاسم الغرابي يرى أن الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا كان يمثل "عامل توازن" حاسماً في منع تمدد تنظيم داعش باتجاه الحدود العراقية. يشير إلى أن القواعد الأمريكية في الحسكة والرميلان والشدادي كانت تشكل مظلة استخبارية متقدمة لمراقبة النشاط العابر للحدود وتقديم معلومات مباشرة إلى بغداد. يؤكد أن أي تقليص لهذا الوجود سيخلق "فراغاً أمنياً سريع الاشتعال" تستفيد منه التنظيمات المتطرفة فوراً.
تحديات جديدة للعراق
يواجه العراق تحديات جديدة مع انسحاب القوات الأمريكية من مناطق "قسد" وتراجع دور التحالف الدولي في الدعم الجوي واللوجستي. تعتمد القوات العراقية بشكل كبير على الغطاء الجوي للتحالف في تعقب الخلايا النائمة داخل البادية الممتدة نحو رطبة، وادي حوران، والقائم. يعتبر الخبير أن المعلومات المتعلقة بنقل جزء من القوات الأمريكية إلى قاعدة جديدة في دمشق تمثل "تغيير جوهري" في أولويات واشنطن داخل الساحة السورية.
تأثيرات على توازنات المنطقة
يعكس هذا التحول انتقال مركز ثقل الاهتمام الأمريكي من العراق نحو دمشق، في توقيت حساس يتقاطع مع تقارير تتحدث عن زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سوريا. هذه الخطوة، إن تمت، سترسل إشارة سياسية واضحة بأن واشنطن تعيد ترتيب أولوياتها الإقليمية على نحو قد يقلّص دور العراق في معادلة الأمن الإقليمي.
الاستراتيجية الأمريكية الجديدة
تكون إعادة تموضع القوات الأمريكية في دمشق، بالتزامن مع إعادة تشكيل خرائط النفوذ بين موسكو وطهران وأنقرة وواشنطن، يحمل تأثيرات مباشرة على الأمن العراقي. يؤكد الخبير أن هذا سيزيد الضغط على المناطق الحدودية غير المسيطر عليها بالكامل، ويقلص من الدعم العملياتي الذي تعتمد عليه القوات العراقية لردع نشاطات داعش.
الحلول الضرورية
يشدد الخبير على ضرورة رفع مستوى التأهب الأمني والاستخباري في الأنبار ونينوى، وتكثيف المراقبة الجوية، وتعزيز التنسيق مع الجانب السوري—خصوصاً في المناطق خارج سيطرة الجيش النظامي—مع إعادة تقييم العلاقة العملياتية مع التحالف الدولي وفق المستجدات الجديدة. يعتبر أن الشرق الأوسط يدخل مرحلة "إعادة تموضع كبرى"، والعراق يقف في قلب هذه التحولات.

