هل يجلب المال السعادة؟
الدخل الإضافي قد يحدث تغييراً في حياة الإنسان، وقد يكون ذلك إلى الأفضل أحياناً، أو إلى الأسوأ أحياناً أخرى. تروي لنا كارول فيلو، إحدى مستخدمات موقع كورا، كيف تحول والداها من الفقر المدقع إلى أن أصبحا من أصحاب الملايين عندما حققت شركة للطباعة كانا يمتلكانها نجاحاً كبيراً. وقد أثار ذلك النجاح الذي حققته الشركة شهية العائلة بأكملها نحو جني المزيد من الأموال.
وتقول فيلو: "أدمنت أمي جمع المال، ولم يعد شيئاً كافياً بالنسبة لها"، وتضيف: "ومع مرور الوقت، تلاشت العلاقات الأسرية، ولأنني عايست التجربة بالكامل يمكنني القول إن الراحة والقناعة أهم من الثراء." يتفق مورات موريسون تماماً مع ما تقوله فيلو، فقد أصبح ثرياً عندما باع شركة للنقل في أواخر التسعينيات. وقد تعلم شيئاً لن يبرح ذاكرته على الإطلاق، ويقول: "المال يجلب الراحة، لكن الراحة لا تعني بالضرورة السعادة أو الرضى. لقد شعرت بأنني شخص أجوف طوال السنوات التي أصبحت بعدها أحد الأثرياء. من المهم أن تكون مرتاحاً، لكن الأكثر أهمية هو أن تكون سعيداً."
التعايش مع السلبيات
إن أول ما يتبادر إلى ذهنك عندما تقرأ أن سلبيات الثراء تفوق إيجابياته، هو أن تقول: أرجوك، دعك من هذا الكلام. فهذا مستخدم آخر لم يرد ذكر اسمه يقول: "عندما تكون ثرياً، لا يُسمح لك بأن تشكو من شيء أبداً. فطالما يتخيل غالبية الناس أن الأغنياء يعيشون حالة من النقاء، وراحة البال، فليس مسموحاً في نظر العامة أن يكون لديك احتياجات بشرية أو مشاكل. ومع أنك مجرد إنسان، لا يعاملك غالبية الناس على هذا الأساس."
ومن السلبيات الأخرى للثراء أيضاً تغير مستوى العلاقات مع الأصدقاء والعائلة. فمعظم الناس يتطلعون للاستفادة منك مادياً، وقد يصعب عليك أن تجزم ما إذا كان اللطف الذي يبديه أحدهم سببه محبته لك، أم أنه يطمع في ما لديك من مال". ويضيف: "أما إذا كنت أعزباً، فقد تكون في شك على الدوام بشأن ما إذا كان شريكك يحبك أم يحب مالك."
للثروة مزايا أيضاً
أجاب معظم المتابعين على موقع كورا بأنه على الرغم من سلبيات الثراء، هناك إيجابيات كثيرة لوجود الثروة بين يديك. ويقول صاحب أحد التعليقات الذي لم يفصح عن اسمه، والذي أشار إلى أنه أصبح يمتلك 15 مليون دولار بعد بيعه شركة كان يمتلكها: "أن تكون ثرياً أفضل من ألا تكون كذلك، ولكن ليس بالدرجة التي يتصورها البعض."
ويضيف: "من أول الأشياء التي يمنحها لك الثراء عند حصولك على المال هو عدم التفكير في الهموم المتعلقة بالمال بعد ذلك. وستظل هناك بعض النفقات التي لا تستطيع تحملها، لكن معظم النفقات العادية يمكنك تحملها دون تفكير، وهذا بلا شك أفضل من أن تكون بلا ثروة تمكنك من ذلك." أما كريستوفر أنغوس الذي جمع ثروته من بيع أربعة مشاريع صغيرة، فيقول: "أفضل أن يكون لدي مال على أن أكون في حاجة إليه، فقد تمكنت خلال السنوات السبع الأخيرة كشخص ثري من خوض تجارب لا يمر بها كثير من الناس في حياتهم. فعلى سبيل المثال، قضيت في أحد الأعوام 25 عطلة ترفيهية، وفي أوقات أخرى، قد أنفق 20 ألف دولار في نزهة واحدة في نهاية الأسبوع."
توقعات أكبر
ويقول المستخدم الذي لم يذكر اسمه: "مع وجود الثروة يتغير مستوى التوقعات، إذ أن الأمور كلها نسبية… فخلال الشهر الأول الذي تقود فيه سيارة من طراز "أودي"، وتتناول طعامك في مطعم فاخر، فإنك تستمتع بذلك حقاً". وأضاف: "وبعد ذلك سيصبح الأمر معتاداً بالنسبة لك. ثم تبدأ بعدها بالتطلع إلى ما هو أرقى وأعلى. تكمن المشكلة في أنك تعيد ترتيب مستوى توقعاتك، ويصبح كل شيء دون المستوى الذي حددته غير قادر على إثارة إعجابك، ولا يحقق لك الرضا الذي تنشده."
وقال أنغوس أنه لم يكن يعرف كيف ينفق أمواله لكثرتها منذ أن كان في منتصف العشرينات من العمر، وأن الملل كان يتسرب إليه سريعا. ويقول أنغوس: "لقد وجدت أن توفر المال الكافي لشراء أي شيء مادي أو معنوي قد أفقدني الإثارة والرغبة في الأشياء التي كنت أسعى إلى اقتنائها قبل أن أصبح ثرياً." ورغم أنه اشتري خمس سيارات "بورش" وعدد آخر من السيارات الفارهة في ثلاث سنوات فقط، يقول أنغوس: "لقد أدمنت إقتناء تلك الأشياء لكي أسترعي الانتباه، وأغري الناس بقضاء وقت معي من أجل ما أملكه، ومن أجل ما يمكن أن أقدمه لهم."
شعور بالعزلة
ويقول مستخدم آخر يعمل مبرمجاً في مجال التكنولوجيا إنه شق طريقه بنفسه، وبات يمتلك 20 مليون دولار، لكنه يرى أن الثروة عبء حقيقي. وأضاف: "أصبحت ثرياً وأنا في منتصف الثلاثينات من العمر. لقد أردت أن أكون ثرياً، ونجحت في ذلك، لكنني أشعر أن هذا ليس هدفاً يستحق العناء. الوصول إلى الثروة بالتدريج أفضل لمستقبلي العملي، ولحياتي بشكل عام." ويضيف: "من المستحيل أن تتخلى عن المال، وأن تكون ثرياً فذلك أمر قد لا يستحق العناء، لكنك إذا أصبحت ثرياً، فسوف ترغب في البقاء كذلك إلى الأبد."
