كركوك: الملف الدستوري المؤجل
استحقاقات دستورية وملفات معقدة
أعاد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو، فتح واحد من أعقد الملفات السياسية في العراق، مؤكداً أن نتائج الانتخابات الأخيرة لا تغيّر شيئاً من الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بإعادة الاستقرار في كركوك، وأن المدينة لن تستعيد توازنها إلا عبر معالجة المتطلبات التي نصت عليها المادة 140 من الدستور.
نتائج الانتخابات وتأثيرها على الاستقرار
قال خوشناو في تصريح خاص، إن "النتائج الانتخابية، سواء ضمن قانون مجلس النواب أو مجالس المحافظات، لا يترتب عليها أي أثر مباشر في مسار إعادة الاستقرار داخل كركوك"، مشدداً على أن "الاستقرار الحقيقي يبدأ من تطبيق المادة 140 بكل مراحلها، ابتداءً بالتطبيع مروراً بإعادة الوضع الديموغرافي إلى ما كان عليه، وانتهاءً بإزالة آثار الغبن والترحيل والإجراءات الإدارية التي مرّ بها أهالي كركوك منذ ستينيات القرن الماضي".
معالجة الملفات السكانية
وأضاف أن "المتضررين الأساسيين من سياسات التغيير السكاني كانوا من الكرد والتركمان، وأن معالجة هذه الملفات تتطلب خطوات جدية تتعلق بالتعويض، واسترجاع الأراضي، وإنهاء آثار سياسات الاستقطاع التي مورست قبل 2003 وتكررت لاحقاً خلال فترة الإدارة المحلية التي شهدت تجاوزات واضحة على أراضي السكان الأصليين".
فترة إدارة المحافظ السابق
خوشناو أشار بشكل مباشر إلى فترة إدارة المحافظ السابق راكان الجبوري، قائلاً إن "ممارسات الإدارة السابقة أدت إلى منح أراضٍ لجهات استُقطبت من خارج المحافظة، ما تسبب بضررٍ واسع للكرد والتركمان والعرب الأصلاء، وأعاد تعقيد المشهد الذي كان يُفترض أن يتجه نحو التهدئة بعد 2017".
المسؤولية المشتركة
ورغم تصدر الاتحاد الوطني الكردستاني نتائج الانتخابات في كركوك، شدد خوشناو على أن "المسؤولية لا تقع على الحزب وحده"، موضحاً أن "الاتحاد يتحمل جزءاً من الالتزامات تجاه أهالي المحافظة بصفته الفائز الأول، لكنه يراهن على تعاون جميع القوى السياسية – الكردية والتركمانية والعربية والآشورية – لإعادة الاستقرار وتحقيق العدالة، فهذه الملفات لا يمكن لفصيل واحد حملها".
السياق السياسي المتشابك
تأتي تصريحات خوشناو في ظل سياق سياسي متشابك، حيث تُعد كركوك أحد أكثر ملفات ما بعد 2003 حساسية وتعقيداً بسبب عدم تنفيذ المادة 140 ضمن المدد الدستورية، والخلاف الكردي–العربي–التركماني بشأن ملكية الأراضي وطبيعة الإدارة المحلية، والتنافس الحزبي بين القوى المؤثرة في شمال العراق، خصوصاً بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، والتغيرات الإدارية بعد 2017.
مستقبل الاستقرار
خوشناو أكد أن "المشهد يسير نحو الأفضل"، لكنه ربط ذلك بوجود إرادة سياسية حقيقية لتنفيذ الاستحقاقات الدستورية، قائلاً إن "الاستقرار في كركوك ليس مصلحة محلية فقط، بل مصلحة وطنية تسهم في استقرار العراق ككل". يرسم خوشناو صورة واضحة: كركوك ليست خلافاً انتخابياً عابراً، بل ملف دستوري مؤجل منذ سنوات، وحسمه سيحدد اتجاه الحكومة المقبلة وقدرتها على معالجة القضايا المعقدة.

