الجلسة الأولى لمجلس النواب: رئيس السن وثغرات دستورية
مقدمة
مع اقتراب عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، تتجه الأنظار إلى الشخصية التي ستتولى رئاسة الجلسة بصفة "رئيس السن". هذا المنصب الإجرائي يحدد اللحظة الفاصلة بين انتهاء العملية الانتخابية وبدء الدورة التشريعية رسميًا. الخبير القانوني المستشار سالم حواس يقدم قراءة تفصيلية لما يمثله هذا الموقع وما يكشفه من ثغرات دستورية مزمنة.
رئيس السن: صلاحيات محددة ودور مؤقت
رئيس السن ليس منصبًا انتخابيًا ولا سياسيًا، بل إجراء بروتوكولي مؤقت يستند إلى معيار واحد: الأكبر سنًا بين الفائزين. مهامه محصورة بأربع نقاط فقط: افتتاح الجلسة ودعوة الأعضاء لأداء اليمين الدستورية، إدارة عملية انتخاب رئيس المجلس ونائبيه، إعلان النتائج فور اكتمال التصويت، وتسليم رئاسة الجلسة للرئيس المنتخب مباشرة. ولا يملك رئيس السن أي صلاحيات تشريعية أو رقابية، وتنتهي مهمته بمجرد استكمال انتخاب هيئة رئاسة البرلمان.
التوقيتات الدستورية: 155 يومًا لا يجوز تجاوزها
تجاوز المدد الدستورية بعد إعلان النتائج يمثل خرقًا واضحًا يعرّض المسار الديمقراطي للخطر. الحد الأقصى المسموح به دستوريًا وقانونيًا هو 155 يومًا فقط، موزعة على 20 يومًا للاعتراضات وفق المادة 20 من قانون المفوضية، و135 يومًا للإجراءات الدستورية اللاحقة. أي تمديد خارج هذه الفترة هو مخالفة صريحة للدستور ويهدد شرعية العملية السياسية.
الخلل الأكبر: غياب مجلس الاتحاد منذ 2005
العراق يعاني فراغًا تشريعيًا خطيرًا يتمثل في عدم إنشاء مجلس الاتحاد المنصوص عليه في المادة 65 من الدستور. غياب هذا المجلس هو أحد أكبر الخروقات الدستورية المستمرة منذ إقرار الدستور، وسبب مباشر لاختلال التوازن التشريعي وعدم تمثيل المحافظات في قرارات الدولة العليا.
دعوة لفرض الانضباط النيابي
هيئة رئاسة البرلمان الجديدة يجب أن تطبق النصوص الدستورية بشكل صارم، وخاصة ما يتعلق بمهام أعضاء مجلس النواب. دور النائب يجب أن يمارس داخل قبة البرلمان، لا عبر الفضائيات أو وسائل التواصل الاجتماعي. الخطابات الشعبوية والطائفية تقوّض السلم المجتمعي وتبتعد عن روح الدستور.
الخلاصة
الالتزام بالتوقيتات الدستورية واحترام الفصل بين السلطات هو الشرط الوحيد لضمان انتقال سياسي سلس. أي تأخير أو تجاوز سيؤدي إلى ارتباك سياسي ودستوري عميق، في وقت يحتاج فيه العراق إلى استقرار مؤسسي سريع لتفادي الفراغ السياسي.

