النتائج الأولية للانتخابات التشريعية وتأثيرها على المشهد الكردي
بعد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، دخل المشهد الكردي مرحلة دقيقة تعكس تحولاً في موازين القوى داخل الإقليم. هذه الانتخابات لم تكن مجرد عملية تصويت، بل محطة سياسية أعادت ترتيب العلاقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وسط توازنات جديدة تُفرض قبل الدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة الاتحادية.
تأثير النتائج على موازين القوى الكردية
تعاملت الأحزاب الكردية مع الانتخابات بوصفها اختباراً لشرعيتها وفرصة لإعادة تثبيت موقعها داخل العملية السياسية الوطنية. الحزب الديمقراطي الكردستاني حافظ على موقعه المتقدم في دوائر أربيل ودهوك، فيما عزز الاتحاد الوطني حضوره التقليدي في السليمانية. هذا الوضع يطرح سؤالاً محورياً حول كيفية تمثيل الكرد في بغداد خلال المرحلة المقبلة.
ضرورة الوحدة الكردية
يشير متخصصون في الشأن الانتخابي إلى أن كل مرحلة شهد فيها الإقليم انقساماً بين الحزبين، انعكس ذلك فوراً على حجم المكاسب التي كان يحققها الكرد في بغداد، خصوصاً في الملفات السيادية. النتائج الأولية تشير إلى حصول الحزب الديمقراطي الكردستاني على نحو 26 مقعداً، فيما نال الاتحاد الوطني ما يقارب 17 مقعداً. هذه الأرقام تعكس استمرار الثنائية التقليدية داخل الإقليم، لكنها في الوقت ذاته لا تمنح أي طرف القدرة على فرض قرار منفرد في بغداد.
التحديات الاقتصادية والإدارية
تأتي هذه النتائج في ظل وضع اقتصادي وإداري معقد داخل الإقليم، يتمثل في أزمة الرواتب، وتراجع الإيرادات النفطية، وضعف التنسيق المؤسساتي بين أربيل والسليمانية. خبراء اقتصاديون يؤكدون أن هذه التحديات تفرض على الحزبين الرئيسيين تجاوز خلافاتهما، لأن الانقسام الداخلي سيؤدي إلى إضعاف قدرة الإقليم على مواجهة الملفات العالقة مع بغداد.
تأثير الانقسام الكردي على الملفات السيادية
يشير متابعون إلى أن الشارع الكردي بات أكثر حساسية تجاه أي صراع سياسي، إذ يرى أن الانقسام ينعكس مباشرة على حجم الخدمات ومستوى الأداء الحكومي. الباحث في الشأن السياسي ياسين عزيز يؤكد أن نتائج الانتخابات "رسمت شكل المناصب لحكومة أربيل"، مشدداً على ضرورة توصل الحزبين إلى اتفاق واضح قبل التوجه إلى بغداد.
ضرورة التوافق الكردي في بغداد
أشار عزيز إلى أن "التفاوض في بغداد يجب أن يكون مع الكتل الفائزة والإطار التنسيقي باعتباره فاعلاً سياسياً يشكل قيادة طيف واسع داخل العملية السياسية الاتحادية". يشدد على أن وضوح المطالب الكردية يجعل الموقف أقوى ويعكس إرادة الجمهور في الإقليم. يشير إلى أن الذهاب منفرداً إلى بغداد سيضعف الموقف الكردي ويعمق الفجوة بين الحزبين داخلياً وخارجياً.
التحديات المقبلة
يشير مختصون في العلاقات الاتحادية إلى أن أي غياب للتفاهم الكردي سيعيد إنتاج سيناريوهات سابقة فقد فيها الإقليم مواقع سياسية مؤثرة بسبب غياب الموقف الموحد. النتائج الأولية تفرض على الحزبين الرئيسيين إعادة بناء موقف مشترك قبل الدخول في مفاوضات بغداد، لتجنب فقدان مواقع حساسة مثل رئاسة الجمهورية.
توازن القوى البرلمانية
تأتي هذه النتائج في ظل تصاعد المطالب السنية بالحصول على منصب رئاسة الجمهورية للمرة الأولى منذ عام 2003. هذا التوجه يفرض على الحزبين الرئيسيين التعامل مع المرحلة المقبلة بحذر أكبر. خبراء دستوريون يؤكدون أن أي انقسام كردي قد يمنح القوى السنية فرصة لتقديم ملفها بقوة، بينما يواجه الإقليم تحدياً للحفاظ على أحد أهم المناصب السيادية.
مستقبل المشاركة الكردية
مراقبون يؤكدون أن الحفاظ على رئاسة الجمهورية داخل البيت الكردي يتطلب اتفاقاً واضحاً بين الديمقراطي والاتحاد قبل الدخول إلى بغداد. المحلل السياسي محمد زنكنة يشير إلى أن الموقف الكردي ما زال يفتقر إلى الوحدة حتى اللحظة، مشيراً إلى أن الاتحاد الوطني سبق وأن تراجع عن اتفاقات سياسية مهمة مع الحزب الديمقراطي.
التحديات السياسية المقبلة
زنكنة يؤكد أن الضغوط الداخلية والخارجية قد تفرض توافقات مرحلية بين الطرفين، لكن كل خطوة سياسية لاحقة ستُحسب عليهما وفق نتائج الجلسات الأولى في برلمان كردستان ومجلس النواب العراقي. يشير إلى أن اعتماد بغداد على مبدأ “حكم الأغلبية” قد يعيد إنتاج الفشل في الملفات العالقة بين المركز والإقليم، ما لم تُبنَ الحكومة المقبلة على توازن وتوافق فعليين.
الاستنتاج
تؤكد قراءات سياسية أن نتائج الانتخابات شكلت لحظة مفصلية تعيد ترتيب مواقع الحزبين الكرديين داخل الإقليم، وتفرض عليهما إعادة بناء موقف مشترك قبل الدخول في مفاوضات بغداد. خبراء يؤكدون أن المرحلة المقبلة تتطلب خطاباً سياسياً موحداً بين أربيل والسليمانية، ليس فقط للحفاظ على المكتسبات الدستورية، بل لضمان عدم فقدان مواقع حساسة مثل رئاسة الجمهورية، وتعزيز قدرة الإقليم على حماية مصالحه في الملفات الاتحادية الأساسية.

