الموالد في مصر: امتداد تاريخي وثقافي
تعد الموالد في مصر إحدى الفعاليات التي يمتزج فيها الديني بالشعبي بالتراثي، وهي جزء رئيس من الهوية الثقافية للبلاد. ولا تخلو محافظة في مصر من الشمال إلى أقصى الجنوب من مولد واحد في الأقل يميز المكان، ويكون الاحتفال به من الفعاليات السنوية المهمة.
أهمية الموالد في مصر
قدرت الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية عدد الموالد المصرية في كل أنحاء البلاد بنحو 2850 مولداً مما يجعل مصر هي الأولى على مستوى العالم في عدد الموالد. بعض منها تقام له احتفالات سنوية كبيرة، وهي الموالد الأشهر مثل مولد الحسين والسيدة زينب وهما من الأشهر في القاهرة، ومولد السيد البدوي في طنطا، وعبدالرحيم القنائي في الصعيد وغيرها من الموالد التي تعد حدثاً سنوياً مهماً في المحافظة التي يقام فيها.
الموالد المسيحية في مصر
ولا تقتصر الموالد في مصر على الإسلامية، إنما يوجد كثير من الموالد المسيحية التي تحظى بحضور طاغٍ لا يقتصر على المسيحيين إنما يشارك فيها المسلمون من أهل المنطقة، وعلى رأسها مولد العذراء بدرنكة أسيوط (جنوب مصر)، الذي يعد من أكبر الموالد المسيحية في البلاد.
تاريخ الموالد في مصر
الطقوس التي تشهدها الموالد حالياً لم تأتِ من فراغ، لكن معظمها له امتداد يعود إلى مصر القديمة على رغم اختلاف السياق، الذي تدور حوله الاحتفالات من المواكب، والنذور أو القرابين، والتبرك وطلب الشفاعة مظاهر ممتدة عبر التاريخ وإن اختلفت طبيعة الديانة.
تطور الموالد عبر التاريخ
قديماً كان الاحتفال بالمعجزات والخوارق للآلهة، التي تحولت لاحقاً مع ظهور الأديان السماوية لما يطلق عليه الناس "الكرامات"، التي تميز بها بعض الصالحين في المسيحية أو الإسلام. يقول مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، حسين عبدالبصير "منذ أقدم العصور كان الإنسان لديه خوف من قوى الطبيعة الشريرة، ومن التعرض لأذاها، فاتجه إلى أن يكون له معبود يلجأ إليه، ويقدم إليه القرابين أملاً في أن يقوم بحمايته من هذه الشرور.
الموالد في كل أنحاء مصر
لكل منطقة أو محافظة في مصر مولد كبير تشتهر به حتى إن وجدت موالد أخرى أقل في الشهرة، فالإسكندرية أشهر موالدها أبو العباس المرسي، ودسوق تشتهر بمولد إبراهيم الدسوقي، والقاهرة بها موالد عدة، الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة فاطمة النبوية والسيدة عائشة.
طقوس الموالد
الموالد في مصر لا تقتصر على الطقوس الدينية والذكر والإنشاد، لكنها تمثل كرنفالاً شعبياً مميزاً يعكس الثقافة المحلية للمنطقة. وعلى رغم امتداد الليالي التي تقام فيها بعض الموالد والتي قد تصل إلى أسبوع كامل فإن الليلة الختامية للمولد أو ما يطلق عليه الليلة الكبيرة تكون هي الأكثر زحاماً والأكثر ثراءً بالفعاليات المختلفة.
أرزاق وألعاب في الموالد
المولد في أي منطقة يوجد فيها يمثل موسماً لكثير من الفئات باعتبار تدفق أعداد كبيرة من البشر من كل حدب وصوب على مكان المولد، وهناك فئات كانت تعتمد في كسب رزقها على الموالد بالتنقل من محافظة إلى أخرى، ومن مولد إلى آخر.

