نمو العظام عند الأطفال: المشكلات والتشخيص والعلاج
تستمر عظام الصغار في النمو خلال مراحل الطفولة والمراهقة، وتتميز بأنها تُعيد تشكيل نفسها بما يسمى «القولبة». وتبدأ هذه العملية منذ الولادة من خلال جزء من العظم يسمى صفيحة النمو، ويجري استبدال النسيج العظمي القديم تدريجياً بآخر جديد حتى تصبح صلبة، وفي بعض الحالات يعاني الأطفال الاضطرابات العظمية التي تحدث في الجهاز العضلي الهيكلي أثناء تكون الجنين أو مع الولادة أو خلال مرحلة النماء الجسدي.
مشكلات نمو العظام عند الأطفال
يقول د.قاسم الحشيمي، استشاري جراحة العظام والمفاصل: هناك بعض المشكلات التي تؤثر في نمو العظام عند الرضع والصغار، ويمكن أن تزول مع الوقت، أو تتطلب متابعة طبية دقيقة.
ومن أبرز هذه المشكلات، وفق الحشيمي، الآتي:
* تأخر نمو العظام بالمعدل المتوقع مقارنة بالأطفال في العمر نفسه، وربما يكون السبب التغذية الوراثي، أو اضطرابات هرمونية.
* خلع الورك الولادي، وهي مشكلة تكون منذ الولادة عندما يكون رأس عظمة الفخذ غير موجود في تجويف الورك، ويكتشف ذلك بالفحص السريري والموجات فوق الصوتية في الشهر الأول من الولادة، ويؤثر هذا لاحقاً في المشي.
* تشوهات القدمين مثل القدمين المسطحة، أو المنحرفة إلى الخارج، أو الداخل.
* الكسور المتكررة، وتحدث نتيجة نقص في كثافة العظام، أو فيتامين «د»، أو الكالسيوم، أو طريقة النمو بالعظام.
* اضطرابات أو خلل في صفيحة النمو ينجم عنه تشوهات في نمو العظام.
* أسباب وراثية مثل: هشاشة العظام أو عوامل مؤثرة في تكوين فيتامين «د» أو على امتصاص الكالسيوم في الأمعاء.
أسباب مشكلات نمو العظام عند الأطفال
يوضح د.الحشيمي أن مشكلات النمو في العظام يمكن أن تظهر التشوهات الهيكلية أثناء تكوين الجنين مثل مشاكل العمود الفقري والجمجمة والأطراف عند التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي، أما خلع الورك أو تشوه القدمين أو قدم القفداء (القدم تكون ملتوية إلى الداخل والأسفل) فتظهر عند الولادة وتحتاج إلى التدخل المبكر منذ الأسبوع الأول من العمر، ويمكن أن يعاني الصغار خلال الطفولة المبكرة تقوس الساقين، أو انحراف القدم الداخلي، أو الخارجي، وكذلك الفرق بطول الطرفين السفليين أو تشوه أصابع القدمين أو اليدين.
ويتابع: أسباب مشكلات نمو العظام عند الأطفال عادة ما تكون وراثية أو بسبب سوء تغذية الجنين أثناء الحمل، أو أمراض القلب والكلى واضطرابات الغدد الصماء عند الطفل أو الأم، يمكن الكشف المبكر عن العديد من مشكلات نمو العظام لدى الأجنة، من خلال التصوير للحامل بين الأسبوعين ال 18 و22، أو اختبارات الدم الوراثية، أو فحص سائل الأمنيوزي، أو من خلال الرنين المغناطيسي الجيني. ويعتبر فحص حديثي الولادة من الإجراءات الضرورية، إذ يفحص الطبيب القدمين والطرفين السفليين والحوض، للبحث عن وجود انحراف الرقبة لجهة واحدة، أو انحراف العمود الفقري، أو تشوه في شكل الرأس.
أهم الإجراءات العلاجية
يذكر د.قاسم الحشيمي، أن العلاج الطبيعي من أهم الإجراءات التي تأتي بنتائج التعافي المبكر، وخاصة في حال القدم القفداء أو خلع الورك الولادي، أما الحالات التي تكتشف متأخرة فتتطلب التدخل الجراحي، كما تفيد الجبائر والأجهزة التصحيحية لتقويم العظام والمفاصل. ويشير إلى ضرورة تزويد الطفل بالمكملات الغذائية في حال نقص الفيتامين «د» أو الكالسيوم والفوسفور.
انحراف العمود الفقري
د.حازم الفزاري، استشاري جراحات العمود الفقري وتقويم التشوهات، يعتبر انحراف العمود الفقري أو ما يعرف ب «الجنف» من المشكلات الشائعة التي تحدث في مرحلة الطفولة والمراهقة. ويقول: «الجنف» يكتشف على الأغلب خلال فترة النمو السريع ما بين 9 و16 عاماً، ويمكن أن يظهر أيضاً في مراحل أصغر، وتنقسم عوامل الإصابة إلى أسباب مجهولة وهي الأكثر انتشاراً، وأخرى ثانوية ناتجة عن اضطرابات خلقية في الفقرات أو أمراض عصبية عضلية مثل الشلل الدماغي أو ضمور العضلات.
تشخيص انحراف العمود الفقري
ويضيف: أعراض الإصابة بانحراف العمود الفقري تبدأ بملاحظة الأهل لاختلاف في مستوى الكتفين أو بروز أحد جانبي الظهر، ويعتمد التشخيص على الفحص السريري الدقيق، وتتأكد المشكلة من خلال الأشعة السينية لقياس زاوية الانحراف ومتابعة التطور.
ويوضح د. الفزاري أن إهمال العلاج يؤدي إلى حدوث العديد من المضاعفات، ويمكن أن تتطور الحالة لينجم عنها تشوهات واضحة في القوام، واضطرابات في وظائف الجهاز التنفسي والقلب نتيجة ضغط القفص الصدري على الأعضاء الداخلية، إضافة إلى آلام مزمنة. ولذلك، يعتبر أن التشخيص المبكر والتدخل في الوقت المناسب العاملان الحاسمان للحفاظ على استقامة العمود الفقري وضمان جودة حياة الطفل في المستقبل.
علاجات انحراف العمود الفقري
يشير د.زيد العبيدى، استشاري جراحة العظام والعمود الفقري للأطفال، إلى أن انحراف العمود الفقري عند الأطفال من المشكلات الشائعة، موضحاً أنه في بعض الحالات يغفل بعض الأهالي عن الكشف المبكر للحالة لعدم توفر برامج توعية عن «الجنف» بشكل رئيسي. وحسب د.العبيدي، تتمثل الخيارات العلاجية في:
– يوصي الطبيب للحالات الخفيفة (أقل من 20 درجة)، بالمراقبة الدورية من خلال الفحص البدني والأشعة السينية لمتابعة تطور الانحناء.
– ارتداء الدعامة الصلبة لفترات يحددها الطبيب، للحالات المعتدلة (20-39 درجة) لدى الأطفال والمراهقين في مرحلة النمو لمنع تطور الانحناء.
– يصحح الجراح انحناء العمود الفقري باستخدام ترقيع العظام وأجهزة معدنية مثل القضبان والبراغي للتثبيت عند اكتمال النمو العظمي للحالات الشديدة (عادة أكثر من 40-50 درجة).
الكساح
يبين د.عمر العوض، استشاري الغدد الصماء، أن لين العظام أو ما يسمى الكساح يحدث لدى الأطفال في المراحل العمرية المبكرة، ويرافقه آلام في العظام، خاصة الوركين والحوض والساقين، وضعف العضلات، وصعوبة المشي أو صعود السلالم، وسهولة التعرض للكسر. ويقول: تعاني الحالات الشديدة تشوهات في الهيكل العظمي، والأسباب الأكثر شيوعاً نقص فيتامين «د»، أو سوء التغذية، أو اضطرابات سوء الامتصاص، ثم أمراض

