الوضع الراهن للبرلمان العراقي: ترهل مالي وجمود سياسي
مقدمة
في العراق اليوم، لم يعد السؤال: كيف يعمل البرلمان؟ بل لماذا يوجد؟ المؤسسة التي شُكلت لضبط إيقاع السلطة التنفيذية باتت مثالاً على الترهل المالي والجمود السياسي، حتى صار بقاها بالشكل الحالي موضع شك أكثر من كونه مكسباً ديمقراطياً.
الإنفاق الكلي على مجلس النواب
بلغ الإنفاق الكلي على مجلس النواب خلال الأعوام من 2015 إلى 2025 أكثر من 5.5 تريليون دينار عراقي، مقابل 321 قانوناً فقط، ما يجعل كلفة القانون الواحد نحو 17.1 مليار دينار. وفي الدورة الحالية وحدها، بلغ الإنفاق الكلي 2.4 تريليون دينار عراقي مقابل 69 قانوناً فقط، بمتوسط 35 مليار دينار للقانون الواحد.
الأرقام المفجعة
أظهرت الإحصائية الرسمية الصادرة عن مجلس النواب العراقي ما يمكن وصفه بأخطر مؤشرات التراجع التشريعي منذ عام 2003، إذ لم يصوت 76 نائباً على أي قانون طوال دورة كاملة، فيما تحدث 48 نائباً مرة واحدة في العام، و26 نائباً لم يتجاوزوا نصف كلمة، بينما لم يُسجل نشاط فعلي سوى لنحو 20 نائباً فقط.
الأزمة السياسية
الأزمة لا تتعلق بشكل النظام فقط، بل في وظائفه الجوهرية. فالبرلمان فقد تباعاً وظائفه الثلاث الأساسية: التشريع، والرقابة، والتمثيل الشعبي. فعند مستوى التشريع، ما زال أكثر من 120 مشروع قانون معلقاً منذ سنوات، بعضها يعود لدورات سابقة.
الحلول الممكنة
يرى الكاتب علي محمود أن النظام البرلماني في العراق لم يفشل لأنه برلماني بحد ذاته، بل لأنه وُضع على أرضية غير مهيأة واستُخدم بآليات تتنافى مع فلسفته. في ضوء ذلك، تتزايد الدعوات لإصلاح النظام السياسي أو تعديله نحو نموذج مختلط أو رئاسي يحد من الانسداد السياسي المتكرر.
الخلاصة
حتى اللحظة، وبحسب مراقبين، فإن البرلمان فقد وظيفته كسلطة تشريعية ورقابية، وتحول إلى واجهة سياسية تُدار من الخارج، بينما يعيش الداخل حالة شلل مزمن. فالمؤسسة التي يُفترض أن تضع القوانين، باتت هي نفسها بحاجة إلى قانون يعيدها إلى الحياة.

