العراق في مواجهة تحديات الطاقة
الخلل البنيوي في منظومة الإمداد
يمتلك العراق اليوم 50 محطة غازية لتوليد الكهرباء، لكن 22 محطة فقط تُجهّز بالغاز بشكل كامل، و5 محطات لا تعمل على الغاز مطلقاً، فيما تعتمد البقية على خليط من الوقود الثقيل والنفط الخام والديزل. هذا الخلل البنيوي في منظومة الإمداد جعل الطاقة المنتجة أقل من نصف القدرات التصميمية.
نقص في الوقود
يشير الخبير الاقتصادي دريد عبد الله إلى أن العراق، رغم كونه منتجاً رئيسياً للنفط، لا يزال يحرق كميات ضخمة من الغاز المصاحب في الحقول الجنوبية تقدرها وكالة الطاقة الدولية بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنوياً، وهو ما يكفي لتغطية نصف حاجة منظومة الكهرباء.
استغلال الغاز
ويُقدّر أن 49% فقط من الكهرباء المنتجة من التوربينات الغازية في العراق يأتي وقودها من الغاز فعلاً، فيما تُستخدم بدائل مكلفة مثل الديزل والنفط الأسود، ما يضاعف كلفة الإنتاج ويزيد من انبعاثات الكربون. يرى عبد الله أن استبدال الوقود المستخدم حالياً بالغاز يمكن أن يرفع إنتاجية المحطات بنسبة 22% كمعدل ويوفر أكثر من 5 مليارات دولار سنوياً.
تحديات مستقبلية
مع افتراض استمرار المشاريع الحالية، يتوقع عبد الله أن يبلغ إنتاج العراق من الغاز عام 2030 نحو 24 مليار متر مكعب سنوياً، أي ما يغطي نصف حاجة منظومته الكهربائية فقط. لكن هذه الخطة تصطدم بتحديات واقعية تتعلق بالتمويل، ونقص البنى التحتية لمعالجة الغاز ونقله، إضافة إلى تأخر الإحالات وغياب التنسيق بين وزارتي النفط والكهرباء.
مستقبل الطاقة في العراق
يرى مراقبون أن ما يقدمه دريد عبد الله لا يقتصر على أرقام فنية، بل يعكس أزمة إدارة مزمنة: بلد يمتلك ثاني أكبر احتياطي في الشرق الأوسط من الغاز المصاحب، لكنه يواصل الاستيراد ويدفع الفاتورة من أمواله السيادية. وفي ضوء المعطيات، يبدو أن عام 2030 لن يحمل للعراق اكتفاءً غازياً بقدر ما يحمل فرصة أخيرة لتغيير نموذج إدارة الطاقة قبل أن يتحول العجز إلى أزمة بنيوية دائمة.

