تحديات العراق في قطاع الطاقة: بين الاكتفاء الذاتي والتحقق من البيانات
خلفية الإعلان عن الاكتفاء الذاتي
في تشرين الأول 2025، أعلنت وزارة النفط العراقية عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من البنزين، بعد افتتاح وحدة التكسير بالعامل المساعد (FCC) في مصفى البصرة. جاء هذا الإعلان متزامناً مع تأكيد الوزارة على ارتفاع نسبة استثمار الغاز المصاحب إلى 74%. ومع ذلك، تشير مراجعة البيانات المنشورة من مؤسسات دولية إلى أن العراق ما زال يเผّ أعداداً كبيرة من الغاز المصاحب، وأن مشاريع الاستغلال الكامل ما تزال في مراحل متفاوتة من التنفيذ.
تحديات نشر البيانات الدقيقة
يرى مختصون في شؤون الطاقة أن التحدي الحقيقي لا يتعلق بقدرة العراق على تنفيذ المشاريع، بل بمدى التزام الجهات الحكومية بنشر بيانات دقيقة يمكن التحقق منها. يعتبر غياب الإفصاح المنتظم عائقاً كبيراً في تقييم ما تحقق فعلاً على الأرض، خاصة أن الوزارة لم تصدر بعد تقارير تفصيلية توضح نسب الإنتاج المحلي والاستهلاك والاستيراد بعد إعلان الاكتفاء.
مشكلة غياب البيانات التفصيلية
أكدت وزارة النفط أن العراق استثمر 74% من الغاز المصاحب لإنتاج النفط، معتبرة ذلك خطوة حاسمة نحو إنهاء ظاهرة الحرق بحلول عام 2029. غير أن هذه النسبة لم تُدعّم بتفاصيل توضح كميات الغاز المنتجة والمستثمرة والمحروقة، وهو ما يجعل تقييم التقدم الفعلي صعباً في ظل غياب نشرات دورية رسمية.
تحديات التمويل والاستثمار
يشير خبراء إلى أن العراق بحاجة إلى نشر تقارير شهرية رسمية تُفصّل كميات الغاز المصاحب المنتجة والمستثمرة والمحروقة في كل حقل نفطي. يفتح غياب هذه البيانات الباب أمام اختلاف التقديرات ويضعف ثقة المستثمرين في استقرار قطاع الطاقة العراقي. تعتبر الشفافية النفطية أداة اقتصادية أساسية لتعزيز الثقة مع المؤسسات الدولية والمستثمرين.
مستقبل قطاع الطاقة العراقي
توضح الوقائع أن العراق حقق تقدماً نسبياً في مشاريع التكرير واستثمار الغاز، لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء الكامل أو السيطرة الكاملة على الحرق. يبقى غياب البيانات المفصلة تحدياً أساسياً أمام تقييم الأداء الحقيقي. يحتاج الاقتصاد العراقي إلى ما هو أبعد من الوعود: إدارة بيانات دقيقة، ومشاريع تعمل بكفاءة، وأرقام يمكن التحقق منها.

