تلوث الهواء في بغداد: أزمة بيئية وصحية
المسببات
تعد المركبات القديمة أحد المصادر الرئيسية لتلوث الهواء في بغداد، حيث تطلق كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة نتيجة لمحركاتها غير المطابقة للمعايير الحديثة. ويشير الخبير البيئي أحمد الساعدي إلى أن استمرار تشغيل هذه المركبات من دون فحص دوري يعني ضخ آلاف الأطنان من الغازات السامة في سماء المدينة يوميا.
العواقب الصحية
تؤكد تقارير طبية صادرة عن وزارة الصحة أن مستويات الجسيمات الدقيقة في بغداد تتجاوز الحدود الآمنة بأكثر من عشرة أضعاف، مما أدى إلى ارتفاع أمراض الربو والتهاب القصبات المزمنة بنحو 30% خلال السنوات الأخيرة. وتشير دراسات إلى أن استنشاق هواء بغداد اليوم يعادل تدخين علبة سجائر أسبوعيا.
الحلول
يشير مرصد العراق الأخضر إلى أن التحول نحو النقل الكهربائي يمثل المدخل الأهم للمعالجة، حيث يمكن أن يقلل استبدال 10% فقط من المركبات الحالية بسيارات كهربائية خلال خمس سنوات من الانبعاثات بنسبة 25% في بغداد وحدها. ويؤكد خبراء التخطيط الحضري أن إحياء النقل العام الكهربائي هو حجر الزاوية في أي إصلاح.
التحديات
يواجه تنفيذ هذه الحلول تحديات كبيرة، بما في ذلك غياب محطات الشحن والبنية التحتية للطاقة، فضلا عن ضعف النقل العام وغياب الحوافز الاقتصادية. ويقر المختص أحمد الساعدي بأن هذه التحديات تجعل التنفيذ صعبا من دون خطة متكاملة.
الرقابة البيئية
يؤكد مختصون في البيئة أن الرقابة البيئية شبه غائبة في بغداد، حيث تعمل وزارة البيئة بأجهزة متقادمة ولا تصدر بيانات علنية دورية عن جودة الهواء. ويقترح الساعدي إنشاء هيئة وطنية مستقلة لقياس التلوث ونشر نتائجه للرأي العام.
الاقتصاد والبيئة
يرى المستشار مظهر محمد صالح أن البيئة النظيفة ليست عبئا على الاقتصاد بل محركا له، داعيا إلى إطلاق قروض خضراء لاستبدال المركبات القديمة وإعفاءات ضريبية لدعم التحول إلى النقل النظيف. ويؤكد أن كل دولار يستثمر في الهواء النظيف يوفر أضعافه في الصحة والإنتاجية.
الوعي الجمعي
يرى مختصون في علم الاجتماع أن المجتمع الذي لا يرى في التلوث جريمة، لن يقف ضده، داعين إلى إدماج الثقافة البيئية في التعليم والإعلام وتحويلها إلى سلوك يومي.
الخلاصة
تتكشف أزمة تلوث الهواء في بغداد عن خلل حقيقي في إدارة البيئة والخدمات، وتؤكد حاجة العاصمة إلى قرارات تنفيذية عاجلة لا بيانات موسمية. فكل تأخير في معالجة هذه الأزمة يعني مزيدا من الخسائر في صحة الناس واقتصاد الدولة.

