التحديات التي تواجه تشكيل الحكومة العراقية الجديدة
خلفية التحديات
مع انتهاء العملية الانتخابية في العراق، يتوقّع الكثيرون أن تشكيل الحكومة الجديدة سيكون مرحلة حاسمة ومحورية.然而،التجربة العراقية منذ عام 2003 أظهرت أن هذه المرحلة غالبًا ما تكون أكثر تعقيدًا من يوم الاقتراع نفسه، بسبب تشابك المصالح الحزبية والطائفية وغياب آليات حاسمة للتوافق.
الانقسامات الداخلية كعامل رئيسي
تُظهر التجارب السابقة أن الانقسامات داخل المكون السياسي الشيعي مثلت العامل الأبرز في تعطيل تشكيل الحكومات وخلق فراغات دستورية امتدت لأشهر، وأفضت إلى شلل سياسي انعكس على الأمن والاقتصاد. الباحث في الشأن السياسي، أثير الشرع، يؤكد أن "الانقسام ما بين الأطراف السياسية الشيعية سيعرقل اختيار رئيس الوزراء الجديد وتشكيل حكومة جديدة".
مرحلة تشكيل الحكومة: تحديات وتصعيد
بعد انتهاء العملية الانتخابية، تدخل البلاد مرحلة جديدة لا تقل أهمية عن يوم الاقتراع ذاته، وهي مرحلة تشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء، والتي غالبًا ما تكون أكثر تعقيدًا، خصوصًا في ظل الانقسام القائم بين القوى السياسية الشيعية. الدستور العراقي قد حدد مسارًا زمنيًا لتشكيل الحكومة، إلا أن غياب التوافق بين القوى المهيمنة يعطل تطبيق النصوص، ويحول المدد القانونية إلى مجرد مؤشرات شكلية بلا أثر عملي.
تأثير الانقسام على الاستقرار السياسي والأمني
يؤكد الشرع أن "استمرار الخلافات داخل البيت السياسي الشيعي حول آلية ترشيح رئيس الوزراء وتوزيع المناصب السيادية يضع البلاد أمام تحديات سياسية خطيرة، تهدد بتأخير تشكيل الحكومة، وتخلق حالة من الجمود السياسي قد تؤثر سلبًا على الوضعين الأمني والاقتصادي". هذه التحديات لا تقتصر على إرباك المشهد السياسي، بل تمتد إلى تعطيل القرارات الاقتصادية، وتعريض الاستقرار الأمني للاهتزاز في ظل صراع القوى على النفوذ.
غياب الرؤية الوطنية المشتركة
يضيف الشرع أن "من الواضح أن غياب التوافق بين الأطراف الفاعلة، وارتفاع منسوب الخطاب التصعيدي، يعكسان غياب الرؤية الوطنية المشتركة، وتغليب المصالح الفئوية على المصلحة العامة. وهذا ما يضعف ثقة الشارع بالعملية السياسية برمتها". الخطاب التصعيدي لا يعكس خلافًا سياسيًا عاديًا بقدر ما يشير إلى انقسام بنيوي في الرؤى والبرامج، ما يجعل من عملية التفاوض على الحكومة أقرب إلى معركة كسر إرادات منها إلى عملية ديمقراطية طبيعية.
الحاجة إلى إرادة جماعية
ختم الشرع بالقول إن "ينبغي عدم تكرار سيناريوهات التعطيل السابقة التي أدت إلى فراغات دستورية وأزمات مستمرة، وإن الشعب، الذي عبر عن إرادته في صناديق الاقتراع، ينتظر حكومة قوية، مستقلة القرار، قادرة على مواجهة التحديات، لا حكومة محاصصات وهشاشة سياسية". يتطلب تجنب تكرار السيناريوهات السابقة إرادة جماعية تتجاوز الحسابات الحزبية، لأن أي فشل في تشكيل حكومة قوية سيعيد إنتاج الأزمات نفسها، ويضعف ثقة المواطن بالعملية السياسية على المدى البعيد.

