تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران: معادلات الردع الجديدة في الخليج
مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، دخلت منطقة الخليج طوراً جديداً من معادلات الردع والتهديد، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن أي هجوم يستهدف قطر سيُعتبر تهديداً مباشراً للأمن القومي الأمريكي. هذا الإعلان لا يقتصر على كونه موقفاً سياسياً عابراً، بل يمثل إعادة رسم لقواعد الاشتباك في المنطقة، خصوصاً أن قطر تستضيف قاعدة العديد الجوية التي تُعد أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، وركيزة أساسية للعمليات العسكرية الأمريكية.
رسائل الردع في الخليج
تأتي هذه الرسائل في توقيت حساس، إذ تتزامن مع تحضيرات أمريكية متزايدة لتوجيه ضربة جديدة لإيران، عقب تجربة حزيران الماضي حين ردّت طهران على قصف مواقعها النووية باستهداف القاعدة ذاتها داخل قطر. وبحسب قراءات بحثية متقاطعة، فإن ما جرى دفع واشنطن اليوم إلى تثبيت معادلة أكثر صرامة: المساس بقطر يعادل استهدافاً مباشراً للولايات المتحدة. هذه المعادلة لا تُقرأ بمعزل عن التحركات الميدانية الأخرى، حيث يشهد العراق إعادة تموضع للقوات الأمريكية من بغداد والأنبار باتجاه إقليم كردستان، في خطوة تعكس استراتيجية أوسع لإعادة توزيع أوراق القوة، تبدأ من حماية القواعد في الخليج ولا تنتهي عند تهيئة المسرح العراقي لمواجهة قد تكون الأكثر حساسية في تاريخ الصراع الأمريكي–الإيراني.
موقف ترامب ورسائل الردع
المختص في الشؤون الاستراتيجية جاسم الغرابي أوضح أن "إعلان ترامب بأن أي هجوم على دولة قطر سيعتبر تهديداً مباشراً للأمن القومي الأمريكي، يحمل رسائل واضحة ومباشرة إلى إيران، ويمثل خطوة استباقية ذات أبعاد عسكرية وسياسية في آن واحد". وفق تقديرات بحثية، فإن واشنطن تستخدم قطر باعتبارها مركز ثقل لوجستي ورسالة ردع في آن معاً، بما يمنع طهران من التفكير في استهدافها مستقبلاً.
إعادة التموضع في كردستان
إلى جانب رسائل الردع في الخليج، تشهد الساحة العراقية تحركات أمريكية لافتة تتمثل في إعادة نشر القوات من بغداد والأنبار باتجاه إقليم كردستان. وفق تقديرات سياسية–أمنية، فإن هذا التحرك لا يقتصر على "تخفيف الوجود" في مناطق ساخنة، بل يعكس استعداداً لتوظيف كردستان كقاعدة بديلة وأكثر أماناً في حال انزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة مع إيران. وتوضح الدراسات الميدانية أن هذا التموضع الجديد يمنح واشنطن مرونة أكبر في إدارة التصعيد، مع تقليص المخاطر التي قد تواجهها قواتها في مناطق قريبة من الفصائل المسلحة أو خطوط النفوذ الإيراني داخل العراق.
التهيئة لمواجهة أوسع
الغرابي أضاف أن "توقيت إعلان ترامب يثير تساؤلات حول ما إذا كان الأمر مجرد موقف سياسي لحماية الحلفاء، أم أنه جزء من تهيئة ميدانية لتصعيد محتمل ضد إيران، وهذا الموقف قد يقرأ كتمهيد لتبرير أي عمل عسكري استباقي ضد طهران". وفق معطيات بحثية مستقلة، فإن الجمع بين إعلان الردع في قطر، وإعادة التموضع في كردستان، يعكس خطة متكاملة للتهيئة لمواجهة أوسع قد تبدأ بضربة محدودة ضد منشآت إيرانية ثم تتطور إلى صراع متعدد الجبهات.
توازنات الردع في دول الخليج
إعلان ترامب يجعل من قطر حلقة مركزية في منظومة الأمن القومي الأمريكي، فيما يشير سحب القوات من بغداد والأنبار إلى أن العراق أيضاً دخل في حسابات المواجهة المقبلة، ولو بطريقة غير مباشرة. وفق مقاربات استراتيجية، فإن هذه الترتيبات تعني أن واشنطن تسعى إلى ضمان خطوط إمداد آمنة وقواعد محصنة، تحسّباً لردود إيرانية غير متوقعة. وفي الوقت ذاته، فإن دول الخليج تجد نفسها أمام لحظة دقيقة من توازنات الردع، حيث أي خطأ في الحسابات قد يحوّل التهديدات إلى مواجهة شاملة.

