تلوث الهواء وآثاره على صحة العيون
أفادت دراسة حديثة بأن تلوث الهواء لا يؤدي إلى زيادة أمراض القلب والرئة وغيرها من أمراض الجهاز التنفسي فقط كما هو معروف، بل يؤثر على حاسة البصر عند الأطفال.
وتوصلت الدراسة إلى أن التعرض لمستويات منخفضة من ملوثات الهواء، خاصة ثاني أكسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة العالقة، يرتبط بشكل مباشر بمدى وضوح الرؤية عند الأطفال دون نظارات.
ولا تضيف هذه النتائج بعداً جديداً فقط لفهم أزمة التلوث البيئي، بل تضع أمام صانعي السياسات الصحية والتعليمية مسؤولية جسيمة، إذ تشير الأدلة إلى أن عدم تحسين جودة الهواء يمكن أن يبطئ أو حتى يوقف تقدم مرض قصر النظر الذي يتزايد بشكل مثير للقلق بين الأطفال، لا سيما في شرق آسيا.
التأثيرات الصحية لتلوث الهواء
ولطالما ارتبط الحديث عن تلوث الهواء بمشكلات الجهاز التنفسي، وأمراض القلب والشرايين، والوفيات المبكرة، لكن الجديد في هذه الدراسة هو ربط التلوث بشكل مباشر بصحة العيون.
وأظهرت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة برمنجهام البريطانية، ونشرتها مجلة PNAS Nexus، أن الطفل الذي يستنشق هواءً محملاً بالملوثات لا يتأثر صدره فقط، بل تتعرض عيناه أيضاً لسلسلة من التغيرات البيوكيميائية والتي تشمل الالتهابات الدقيقة، والضغط التأكسدي، ونقص في التعرض لأشعة الشمس الضرورية لنمو سليم للعين.
ويرى الباحثون أن كل هذه العوامل تدفع العين إلى تغيير شكلها بشكل طفيف، ما يؤدي إلى انكسار غير صحيح للضوء على الشبكية، وبالتالي قصر النظر.
النتائج الرئيسية للدراسة
وقال المؤلف المشارك في الدراسة، زونجبو شي: “نعرف منذ زمن طويل أن الوراثة واستخدام الشاشات من العوامل المؤثرة في قصر النظر، إلا أن هذه الدراسة من أوائل الدراسات التي تحدد تلوث الهواء كعامل خطر قابل للتعديل.. الهواء النظيف ليس مسألة صحة تنفسية فقط، بل مسألة تضر البصر أيضاً”.
وأوضحت الدراسة أن الأطفال في المرحلة الابتدائية هم الأكثر حساسية لتلوث الهواء، إذ ظهرت عليهم أكبر التحسينات عند توفر بيئة أنظف، أما المراهقون والأطفال المصابون بقصر نظر شديد مسبقاً، وأظهرت النتائج أن الوراثة كانت العامل الحاسم لديهم أكثر من البيئة.
مصادر التلوث
منزلية: استخدام الطاقة غير النظيفة في الطهي والتدفئة.
صناعية وزراعية: انبعاثات المصانع والأنشطة الزراعية.
النقل: عوادم المركبات.
محطات الطاقة: خاصة العاملة بالفحم.
مصادر طبيعية: الغبار والعواصف الرملية، حرق المخلفات، إزالة الغابات.
التحديات الصحية العالمية
وقصر النظر لم يعد مجرد عيب بصري يمكن تصحيحه بالنظارات أو العدسات، بل تحول إلى قضية صحية عالمية ملحة، فبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، يتوقع أن يصاب نحو نصف سكان العالم، أي ما يقارب 5 مليارات شخص، بهذه الحالة بحلول عام 2050.
ولا تكمن الخطورة الحقيقية في التشويش البصري فحسب، بل في المضاعفات طويلة المدى التي تهدد سلامة العين، مثل زيادة احتمالات الإصابة بالمياه الزرقاء، وزيادة خطر انفصال الشبكية نتيجة التغير في شكل العين، إضافة إلى الضمور البقعي الذي قد يؤدي إلى فقدان البصر الكامل.

