الإفراج عن الباحثة الروسية-الإسرائيلية: خطوة سياسية وأمنية بالغة الأهمية
لم يأتِ الإعلان العراقي عن تحرير الباحثة الروسية-الإسرائيلية والطالبة في جامعة برينستون إليزابيث تسوركوف من قبضة كتائب حزب الله بمعزل عن سياق ضاغط، بل حمل في طياته إشارات واضحة إلى أن معادلة القوة بين الدولة والفصائل بدأت تشهد تحولات تحت وطأة التهديدات الأمريكية المتكررة.
إعلان الحكومة العراقية
بينما قدّم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الإفراج بوصفه إنجازاً سيادياً للدولة، قائلاً إن "تتويجًا لجهود كبيرة بذلتها أجهزتنا الأمنية وعلى مدى شهور طويلة، نعلن عن تحرير المواطنة الروسية إليزابيث تسوركوف، ونؤكد مرة أخرى أننا لن نتهاون في إنفاذ القانون وإعلاء سلطة الدولة، وعدم السماح لأي أحد بالإساءة إلى سمعة العراق والعراقيين". هذا الإعلان يعكس محاولة الحكومة العراقية لتقديم نفسها كدولة قادرة على الإمساك بملفات معقدة وحساسة، في وقت كانت فيه الاتهامات تتكرر بشأن وجود جماعات مسلحة تتصرف خارج سلطة القانون.
ردود الفعل الدولية
لم يتأخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التعليق على الإفراج، إذ قال إن "إليزابيث تسوركوف قد أُطلق سراحها للتو من قبل كتائب حزب الله، وهي الآن بأمان في السفارة الأمريكية في العراق، بعد تعرضها للتعذيب لعدة أشهر". هذا التداخل في الخطاب يعكس أن واشنطن لم تتعامل مع قضية تسوركوف كحالة إنسانية منعزلة، بل كجزء من شبكة صراعات تمتد من بغداد إلى غزة.
تحليل الخبراء
الخبير في الشؤون الاستراتيجية رياض الوحيلي يرى أن "إعلان العراق تحرير الباحثة إليزابيث تسوركوف يمثل خطوة سياسية وأمنية بالغة الأهمية على عدة مستويات". فهو يربط بين الإعلان الرسمي وسيادة القانون، مشيراً إلى أن "أول هذه المستويات هو الالتزام بسيادة القانون وحماية أرواح المدنيين والأجانب على الأراضي العراقية، في ظل بيئة إقليمية معقدة وصراعات داخلية متعددة".
الموقف الكردي
عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد وصف عملية إطلاق سراح تسوركوف بأنها "خطوة جيدة"، مضيفاً أن "الخطوات التي يبديها السوداني، بداية من سحب قانون الحشد الشعبي، وإطلاق سراح الباحثة الروسية، هي خطوات تدل على الحكمة لتجنيب العراق الحرب والعقوبات الاقتصادية".
الاستنتاج
تعدد القراءات يعكس أن العملية لم تكن أحادية البعد، بل نتاج توازن دقيق بين ضغوط خارجية ورغبة داخلية في إظهار الدولة بمظهر الممسك بزمام المبادرة. وعليه، فإن الإفراج يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر: هل يمكن لبغداد أن تستثمر هذا الحدث لإعادة ترميم علاقتها مع الغرب على المدى الطويل، أم أنه سيبقى مجرد استجابة ظرفية لإملاءات ضاغطة؟ الإجابة ستعتمد على قدرة الحكومة على مواصلة فرض سيادتها داخلياً، وعلى نجاحها في تحويل رسائلها العلنية إلى سياسات عملية على الأرض.

