ظاهرة التسجيلات الصوتية المُسرّبة في العراق
مقدمة
مع اقتراب كل موسم انتخابي في العراق، تتزايد ظاهرة "التسجيلات الصوتية المُسرّبة" التي تطال مسؤولين وسياسيين، وغالباً ما تتحول إلى مادة دسمة للتداول على منصات التواصل الاجتماعي. هذه الظاهرة لا تعكس حقيقة ما يُنشر بقدر ما تكشف هشاشة البيئة الإعلامية العراقية.
الأمية الرقمية وتسجيلات الذكاء الاصطناعي
يعاني الإعلاميون في العراق من أمية كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي وتوليد المحتوى المسموع والمرئي. يفتقر الإعلاميون إلى أدوات تقنية بسيطة كان من شأنها أن تميّز بين التسجيل الحقيقي والمفبرك. التسجيلات المفبركة تحوي غالباً سكتات ثابتة بين كلمة وأخرى أو جملة وأخرى، ولا يظهر فيها بلع ريق المتحدث أو تغيّر طبيعي في النبرة من منخفضة إلى عالية أو العكس.
التحليل الفني والتسجيلات المُسرّبة
على الصحفي أن يتعلم استخدام برنامجين على الأقل للتحقق من التسجيلات، وأبرزها Deepware Scanner وWeVerify. أي تسجيل يظهر له إيقاع صوتي ثابت بين 80 و87 فهو إما متلاعب به أو مزيف بالكامل. هذه النقطة تكشف أن التلاعب يمكن كشفه بأدوات متاحة وبكلف منخفضة، لكن الأمية الرقمية تحول دون ذلك.
المقارنة والتسجيلات المُسرّبة
المقارنة هي خطوة حاسمة في التحقق من التسجيلات. هل أسلوب الكلام مشابه؟ هل يستخدم نفس العبارات والكلمات المعتادة؟ هل مخارج الحروف وطريقة النطق متطابقة؟ هذه الأسئلة تمثل صلب عملية التحقق، إذ أن الشخصية المستهدفة غالباً ما تملك نمطاً لغوياً يصعب تقليده بدقة.
خلفيات الظاهرة
خلفيات الظاهرة تشير إلى أن التزييف العميق لم يعد مقتصراً على العراق، بل يجد في لبنان أكبر حاضنة إقليمية. تُمارس هذه الأعمال بشكل غير شرعي ومعظم زبائنها عراقيون تابعون لجهات سياسية. مقاولين وتجاراً دخلوا مؤخراً على خط التنافس لإسقاط بعضهم البعض عبر هذه التسجيلات.
النتائج والتجارب الشخصية
فحصت منذ مطلع هذا العام سبعة تسجيلات مُسرّبة، ستة منها عراقية وواحد من سوريا، وتبين أن جميعها غير صحيحة. هذه النتيجة تعزز فرضية أن الجمهور يتعرض لحملات تضليل منظم، وأن الصحفيين غير المؤهلين يسهمون عن قصد أو غير قصد في إعادة إنتاج الأكاذيب.
الخاتمة
الأمية الرقمية بين الصحفيين العراقيين مشكلة كبيرة، وهو ما ينعكس دائماً على الناس في الشارع وغالباً ما يوظف طائفياً لصالح المليشيات. السؤال المقلق هو: إذا كانت جميع التسجيلات التي فُحصت حتى الآن مفبركة، فما الذي ينتظر العراقيين مع دخولهم موسم انتخابي جديد؟ وهل يمكن بناء إعلام مسؤول يتجاوز الأمية الرقمية ويوفر حماية للمجتمع من التضليل؟

