مقدمة
إن انهيار مجسر العطيشي في كربلاء، مساء السبت (6 أيلول 2025)، يعد مأساة تعكس أزمة متجذرة في بنية العقود الحكومية وإدارة المشاريع في العراق. هذا الحادث يفتح الباب على مأزق أعمق في بنية الدولة وآلياتها في التعامل مع المشاريع والعهود.
خلفية الأزمة
النائب أيوب الربيعي وصف الحادثة بـ"المأساة"، مؤكداً أن "انهيار مجسر قيد الإنشاء في كربلاء المقدسة وسقوط ضحايا يعد مأساة، ويكشف عن وجود خلل وإخفاق في تنفيذ المشروع". هذه التصريحات تفتح باباً واسعاً للتحقيق في أسباب انهيار المجسر، وتسليط الضوء على أزمة متجذرة في إدارة المشاريع في العراق.
المطالبة بالتحقيق
دعا الربيعي إلى "تشكيل لجنة تحقيق شفافة لتحديد حيثيات ما جرى، واعتقال المتورطين بهذا الفعل غير القانوني، وتقديم إجابات واضحة للرأي العام". هذه المطالبة لا تبدو معزولة عن خلفية متكررة من لجان تشكل ثم تعيد تدويرها داخل المؤسسات نفسها التي مررت الخلل. وهنا يتقاطع كلامه مع ما بيّنه مراقبون من أن الرقابة في العراق باتت في جوهرها وسيلة لتأجيل المساءلة أكثر مما هي أداة لكشف الانحراف.
أزمة العقود الحكومية
الربيعي لم يكتفِ بالتحقيق، بل شدد على أن "من الضروري تشكيل لجنة مختصة وشاملة لتدقيق سلامة الجسور والمجسرات، على أن تكون لها صلاحيات واسعة في تحديد مواطن الضعف والخلل والإخفاق". هذه التصريحات تفتح الباب على مأزق أعمق في بنية العقود الحكومية، حيث تقارير ديوان الرقابة المالية تشير إلى أن أكثر من 35% من المشاريع بين 2011 و2022 لم تُدعَم بدراسات جدوى حقيقية، بل جرى إعدادها بعد الإحالة، لا قبلها.
النتائج الميدانية
النتائج الميدانية للحادثة تعزز هذه المخاوف. فبحسب دائرة صحة كربلاء، أسفر الانهيار عن إصابة مواطنين أفغانيين وسوريين وعراقي، وتضرر مركبات مدنية. هذه التعددية في التحقيقات، التي تتوزع بين المحافظة والمركز، غالباً ما تنتهي إلى تفتيت المسؤولية بدل توحيدها.
التحليل الأعمق
التحليل الأعمق يشير إلى أن المجسرات ليست مجرد بنايات إسمنتية تنهار تحت وطأة الإهمال، بل هي صورة مصغرة لعقد اجتماعي متهالك. فحين تتحول المشاريع إلى "حصص"، واللجان إلى "أغطية"، والمواطن إلى ضحية صامت أو شريك مكره، يصبح الانهيار جزءاً من المنظومة لا استثناءً عنها.
الخلاصة
إن مأساة العطيشي تفتح باباً واسعاً للتحقيق في أسباب انهيار المجسر، وتسليط الضوء على أزمة متجذرة في إدارة المشاريع في العراق. وهل يُكتب لمأساة العطيشي أن تكون نقطة تحوّل، أم ستُضاف إلى أرشيف طويل من لجان "تابعت وحققت"، دون أن يجرؤ أحد على كسر حلقة الإفلات؟ سؤال يظل معلقاً، بانتظار إجابة قد لا تأتي.

 
									 
					

