مبادرات فردية لنشر الوعي الأثري والتاريخي
نظمت مبادرات متعددة في مصر خلال الأعوام الأخيرة جولات داخل مواقع أثرية وتاريخية مختلفة، يقوم عليها أشخاص مهتمون برفع الوعي الأثري واكتشاف مواقع فريدة تزخر بها القاهرة وغيرها ورؤيتها بصورة أخرى، فما بين المتاحف والمناطق الأثرية والشوارع القديمة في القاهرة، التي تفيض بمواقع ربما يمر عليها الناس بصورة دورية دون أن يكون لديهم علم بحكاياتها وتاريخها، تنطلق هذه الجولات التي أصبحت من الأشياء المألوفة داخل القاهرة خلال الأعوام الأخيرة.
الجولات التفاعلية
يجتمع المشاركون ضمن هذه الجولات في نقطة معينة ويكون لها مسار محدد مسبقاً، إذ تبدأ الجولة بصحبة المتخصص الذي يبدأ في سرد تفاصيل المكان وقيمته التاريخية والفنية، وعادة ما تضم الجولة أشخاصاً لم يسبق لهم الالتقاء مسبقاً، لكن يجمعهم حب التراث والرغبة في التعرف عليه.
ويجمع هذه المبادرات أنها تتم بجهود فردية بصورة كاملة ويقوم عليها أشخاص متخصصون في التاريخ والآثار، يجمعهم حب هذا المجال والرغبة في رفع الوعي بأهميته وتعريف الناس بالقيمة الكبيرة التي تتميز بها بعض المواقع، من خلال السرد المشوق الذي يقوم به القائم على الجولة.
اكتشاف المواقع الأثرية
إلى جانب المتاحف والمناطق الأثرية الشهيرة تقوم بعض هذه الجولات بالتوجه إلى مواقع بعينها ربما قد تكون أقل شهرة على رغم الأهمية التاريخية الكبيرة، مثل مناطق الحطابة والدرب الأحمر وسوق السلاح والمقاصيص وخان أبو طاقية ودرب قرمز، وغيرها كثير من المواقع التي تزخر بها المدينة، وفي الوقت نفسه قد يكون للجولة موضوع معين تدور في فلكه مثل قاهرة نجيب محفوظ أو قاهرة المماليك أو غيرهما من الموضوعات التي تستهدفها الجولة وتدور حولها.
التفاعل مع المشاركين
يقول ياسمين حسن (28 سنة) “ذهبت في مثل هذه الجولات مع أصدقائي أكثر من مرة، كانت البداية وأنا في عامي الأخير بالجامعة، إذ رشح لنا أحد الزملاء واحدة من هذه المبادرات، وبالفعل خضنا التجربة وكانت متميزة، فالذهاب إلى الأماكن التاريخية بصحبة متخصص يحكى لنا تاريخ المكان وتفاصيله يختلف تماماً عن الذهاب بمفردنا، وبخاصة أن من يقومون بهذه الجولات غالباً يتميزون بأن أسلوبهم سهل ويقدمون المعلومة في صورة حكاية”.
ويشير عمر عبدالرحمن (30 سنة) “هذه التمشيات في المناطق التاريخية التي تنظمها بعض المبادرات من أكثر الأشياء المتميزة التي حدثت فخلال الأعوام الأخيرة، وأكثر من مرة شاركت فيها وخضت أكثر من تجربة بدافع الرغبة في التعرف على أماكن جديدة أو اكتشاف مواقع أثرية بصورة مختلفة.
مبادرة سيرة القاهرة
من أولى المبادرات التي بدأت في تنفيذ الجولات داخل المواقع التاريخية والأثرية “سيرة القاهرة”، وكما يبدو من اسمها فقد استهدفت التعريف بجوانب من المدينة وإلقاء الضوء على مواقع قد لا تكون معروفة بصورة كاملة للناس، أو ربما يسمع عنها الناس بصورة سطحية على رغم أن لها أبعاداً وقصصاً وحكايات تستحق أن تُروى وأن يتعرف عليها أهل العاصمة.
مؤسس مبادرة “سيرة القاهرة” عبدالعظيم فهمي يقول “بدأت المبادرة بهدف تعريف الناس بتاريخ القاهرة وعدم النظر إلى مناطق منها برؤية السائح، فالقاهرة مدينة ألفية وهي العاصمة التي نجد بها تراكماً حضارياً ممتداً، فهي مدينة لها وجوه متعددة والجولات في دروبها وحاراتها لا تكون فقط بغرض اكتشاف الأماكن والآثار، لكن للتعرف على الحياة اليومية والعادات والتقاليد.
توثيق الحرف التراثية
لا تقتصر الجولات الأثرية على فئة معينة من المجتمع، بل إن هناك بعض المبادرات عنيت بقطاعات بعينها وبخاصة الأطفال، لتعريفهم بالمواقع الأثرية والمتاحف وشرح تفاصيلها على يد متخصصين، مما يمثل قيمة كبيرة في رفع الوعي بقيمة وأهمية هذه الأماكن.
ومن بين هذه المبادرات التي استهدفت الأطفال في جانب منها كانت مبادرة “يلا على الورشة” لصاحبها مصطفى كامل، الذي اهتم بمجال الحرف التراثية وتوثيقها وتعريف الناس بها والعمل على إحياء ما قد يكون مهدداً بالاندثار، من خلال تنظيم جولات لبعض ورش الحرف التراثية الشهيرة بالتنسيق مع أصحابها الذين يقومون بتعريف الزائرين بطبيعة الحرفة وأهميتها ومراحلها المختلفة، حتى خروج المنتج النهائي.

