السياسة في كردستان: تحول ساحات الانتخابات إلى محاكم
السياسة في إقليم كردستان تشهد تحولاً جديداً، حيث أصبحت ساحات الانتخابات مقترنة بالمحاكم والأحكام القضائية التي تُلامس قادة أحزاب المعارضة. هذا الوضع يُشير إلى أن الانتخابات المقبلة لن تقاس بمستوى التنافس بين الأحزاب التقليدية والحديثة فقط، بل ستتأثر أيضاً بمدى تأثير الأحكام القضائية على توزيع الأصوات وإعادة تشكيل الخريطة السياسية.
تأثير الأحكام القضائية على المعارضة
الباحث في الشأن السياسي لقمان حسين يُشير إلى أن هناك جهات ستتأثر بالحكم على قادة أحزاب المعارضة في الإقليم، وهناك حركات أخرى مستفيدة. هذا التأثير لن يكون أحادي الاتجاه، بل سيكون متعدد الانعكاسات. بينما يُعتقد أن المعارضة ستُضعف بفعل هذه الضربات، يُصر حسين على أن "أصوات المعارضة بشكل عام لن تتراجع، لكنها ستنقسم وتتوزع على عدد أكبر من الأحزاب والحركات".
تفتيت الصوت الاحتجاجي
هذا الوضع يُشير إلى ظاهرة تفتيت الصوت الاحتجاجي، حيث بدل أن يتجمع في كتلة صلبة قادرة على المنافسة، يتوزع بين تشكيلات جديدة وكيانات ناشئة. هذا التوزع يعيد تشكيل التوازنات الداخلية، ويعزز التعددية من جهة، لكنه في المقابل يضعف القدرة على فرض بديل سياسي متماسك.
مثال حراك الجيل الجديد
حراك الجيل الجديد هو مثال واضح على هذه الظاهرة. حيث يُصر حسين على أن هذا الحراك سيكون من أبرز المتأثرين بعد الحكم على رئيسه شاسوار عبد الواحد. هذا الحكم يُبرز خصوصية الحالة، حيث يمتد أثر الحكم إلى المزاج العام لناخبيه.
خلفيات القضية
خلفيات القضية تعود إلى اتهامات بالاستيلاء على أموال المساهمين في مشروع "جافي لاند" وتهم باختلاس 70 مليار دينار. هذه الملفات القضائية، حتى لو اتُخذت بجدية أو وُصفت بأنها ذات دوافع سياسية، فإنها تترك أثرًا عميقًا في الشارع، وهو ما ينعكس مباشرة على الخريطة الانتخابية.
اعتقال شخصيات معارضة أخرى
اعتقال شخصيات معارضة أخرى مثل لاهور جنكي، الرئيس المشترك السابق للاتحاد الوطني الكردستاني، في سياق صراعات حزبية داخلية وتحقيقات قضائية. هذه الاعتقالات تسهم في تعقيد صورة المعارضة الكردستانية، حيث لا يقتصر الضغط على الحركات الناشئة، بل يمتد إلى شخصيات بارزة داخل الأحزاب التقليدية نفسها.
أدوات الصراع في الإقليم
مراقبون يرون أن هذه الوقائع تكشف أن أدوات الصراع في الإقليم لم تعد تقتصر على التنافس السياسي، بل باتت تشمل أدوات قضائية وأمنية، تُستخدم في لحظات حساسة لإعادة رسم موازين القوى.
مستقبل المعارضة
ومع ذلك، يشير حسين إلى زاوية أخرى حين يقول إن "بشكل عام هناك صوت ناقم داخل الإقليم، وهذا الصوت سيذهب باتجاه أحزاب المعارضة، ولكن هذه المرة ستزيد أصوات الحركات الجديدة الناشئة المعارضة في الإقليم". هذا الصوت الناقم يعيد التموضع، ويتجه إلى كيانات جديدة تحاول ملء الفراغ.
الخلاصة
المعارضة الكردستانية، رغم الضربات التي تلقتها، ما زالت تستند إلى قاعدة اجتماعية ناقمة يمكن أن تتوسع عبر الحركات الناشئة. السؤال الآن هو: هل ستتحول هذه الانقسامات إلى مصدر قوة تنوّع يثري المشهد، أم أنها ستُضعف جبهة المعارضة وتمنح الأحزاب التقليدية فرصة جديدة لتكريس نفوذها في انتخابات الإقليم المقبلة؟

