الأزمة المالية في العراق: تذبذب سعر الصرف وتأثير الضغوط الخارجية
خلفية الأزمة
بعد فترة من الاستقرار النسبي، عاد سعر صرف الدولار إلى الارتفاع في الأسواق العراقية، مما أدى إلى قلق الشارع والتجار. يرى مراقبون أن هذا التذبذب يعكس هشاشة السياسة النقدية أمام الضغوط الخارجية والداخلية.
أسباب الارتفاع
كشف الخبير الاقتصادي ناصر التميمي أن ارتفاع سعر الصرف مرتبط بعدة عوامل متداخلة، أبرزها استمرار الضغوط على التحويلات الخارجية وتشديد الإجراءات الأمريكية على عمليات بيع الدولار. يؤدي ذلك إلى تقليل حجم المعروض الفعلي في السوق المحلي. كما أشار إلى أن ضعف التوازن بين العرض والطلب، وزيادة الطلب على العملة الصعبة من قبل التجار لتغطية الاستيرادات، ساهم في إعادة رفع الأسعار.
العامل الخارجي
يؤكد خبراء اقتصاديون أن العامل الخارجي، والمتمثل بالرقابة الأمريكية، لم يعد ظرفيا بل أصبح جزءا من معادلة السوق اليومية. كلما اشتدت القيود على التحويلات، تراجع المعروض، ومعه يرتفع الدولار مجددا، ما يجعل استقرار السوق مرهونا بعوامل خارج السيطرة الوطنية.
الفجوة بين السعر الرسمي والموازي
أشار التميمي إلى أن اتساع الفجوة بين السعر الرسمي الذي يحدده البنك المركزي والسعر الموازي في السوق، نتيجة بطء وصول الدولار للتجار عبر المنصة الرسمية، يدفعهم إلى اللجوء للسوق الثانوية، وهو ما ينعكس مباشرة على المواطن البسيط. هذه الفجوة تعكس أزمة ثقة في النظام المصرفي.
الحلول المطلوبة
يوضح باحثون اقتصاديون أن هذه السوابق تثبت أن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل جزء من مسار ممتد. يشدد التميمي على أن معالجة هذه الأزمة تتطلب إجراءات أكثر مرونة في آلية بيع الدولار، ودعماً حقيقياً للقطاع المصرفي لتجاوز البيروقراطية في التحويلات، فضلاً عن تعزيز الثقة بالسياسة النقدية لتقليل المضاربة.
مستقبل الأزمة
بحسب مختصين في الشأن النقدي، فإن الحل لا يكمن في ضخ الدولار فقط، بل في إصلاح بيئة العمل المالي والمصرفي داخلياً، وبناء ثقة عامة بالسياسة النقدية. وإلى أن يتحقق ذلك، سيبقى سعر الصرف انعكاساً لمعادلة غير متوازنة، طرفها الأول العراق المرهق بأزماته الداخلية، وطرفها الآخر الضغوط الأمريكية التي تمسك بمفتاح الدولار.

