في بيوتٍ كثيرة، لا يقتُل الحب خيانة ولا يُغتال بعنف، بل يُنهك ببطء على يد “العند”، تلك الكلمة الصغيرة التي تتحوّل مع الوقت إلى جدار عازل بين قلبين جمعتهما الحياة وتفرّقهما “أنا مش هتنازل”.
العند حين يسكن بين الأزواج، لا يترك مكانًا للعقل ولا مساحة للتفاهم، بل يحوّل كل خلاف بسيط إلى ساحة معركة لا رابح فيها.
الزواج ليس حلبة مصارعة ينتصر فيها الأقوى، بل هو مساحة مشاركة ينمو فيها الحب بالصبر، ويكبر باللين، ويزدهر بالتغاضي، ومن ظنّ أن التنازل ضعف، فقد فاته أن الكبار وحدهم هم من يستطيعون كسر غرورهم من أجل سلام البيت، وأن أجمل المعارك هي التي لا تُخاض أصلًا.
كم من بيت انهار لأن الطرفين أصرّا أن يقفا على نقيض، وكم من قلب تحجّر لأن الكلمة الطيبة تأخرت، وكم من حياة باردة بدأت بعناد بسيط وانتهت بجفاء مقيم.
العند لا يُشعل نارًا فحسب، بل يُطفئ نور المودة ويقبر الذكريات، حتى تصبح المشاعر الجميلة ركامًا من ماضٍ جميل لم يُحسن أصحابه الحفاظ عليه.
دعونا لا ننسى الفضل بيننا، لا ننسى الضحكات التي جمعتنا، والمواقف التي حمتنا، لا ننسى أن الحب لا يعيش وسط العناد، بل تحت سقف فيه القلوب أكثر مرونة من الآراء، والضمائر أنقى من الحسابات.
الحياة الزوجية تحتاج إلى عقل يُدير، لا لسان يُصِر، وإلى قلب يُسامح، لا يد تُلوّح بالرحيل، فلا تجعلوا العند عقيدة، بل اجعلوه نزوة تعبر، كي تبقى البيوت عامرة، والقلوب دافئة، والرحلة مستمرة.

