الصين والولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي
بعد إعلان الولايات المتحدة عن خطتها لترسيخ ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي، لم تنتظر الصين طويلاً للرد على التحرك الأميركي. بادرت الصين إلى إطلاق خطة عمل عالمية لتنظيم شؤون هذه التكنولوجيا الثورية. أعلن رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ خلال افتتاح مؤتمر الذكاء الاصطناعي العالمي في شنغهاي عن خطة بلاده لإطلاق منظمة عالمية للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي.
الصين توسّع نفوذها التقني
تعتبر هذه الخطة جزءاً من استراتيجية الصين الأوسع التي تحمل اسم "AI Plus"، والتي تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات الصينية، ومساعدة دول الجنوب العالمي في مجال التكنولوجيا. يُعد العرض التكنولوجي الصيني الجديد جزءاً من جهود أوسع يبذلها مطوّرو التقنية الصينيون لوضع معايير ومقاييس عالمية، والاستحواذ على حصة أكبر من السوق العالمية للذكاء الاصطناعي.
حرب المعسكرين
يُعتبر ما يجري الآن هو بمثابة تشكيل معسكرين، حيث أن الصين تريد الالتزام بنهج متعدد الأطراف، بينما ترغب الولايات المتحدة في بناء معسكرها الخاص، مستهدفةً بشكل كبير صعود الصين في مجال الذكاء الاصطناعي. تسعى الصين إلى حشد دعم من دول مبادرة الحزام والطريق، في المقابل، تتحصّن واشنطن خلف تحالفاتها التقليدية مع دول مثل اليابان وأستراليا.
أميركا تعزز ريادتها الذكاء الاصطناعي
تخوض الصين والولايات المتحدة سباقاً محتدماً لتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي باتت أداة استراتيجية لتعزيز الاقتصادات وترجيح كفة ميزان القوة الجيوسياسية على المدى البعيد. وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام أوامر تنفيذية تهدف إلى تخفيف القيود التنظيمية وتوسيع إمدادات الطاقة لمراكز البيانات، في خطوة قوية لدعم شركات مثل OpenAI وGoogle ومساعدتها في الحفاظ على ريادة الولايات المتحدة.
ما هي الخطة الصينية؟
تُعد الخطة الصينية العالمية للذكاء الاصطناعي محاولة لإنشاء كيان دولي يشجع على تطوير مجتمع مفتوح لتبادل الشيفرات والمعايير والخبرات، بين الحكومات والقطاع الخاص والجامعات. يتضمن الطرح الصيني بُعداً تشغيلياً يتمثل في تسريع الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة، وشبكات الجيل الجديد ومراكز البيانات، لدعم الأعباء المتزايدة للحوسبة الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
معسكران تكنولوجيان
تُؤكد المستشارة التكنولوجية هيلدا معلوف أن ما أعلنت عنه الصين يُعد مؤشراً واضحاً على دخول العالم مرحلة جديدة وأكثر تعقيداً في الصراع الجيوسياسي، حيث تسعى بكين إلى خلق معسكرين تكنولوجيين متمايزين. تُعد دعوة الصين لدول الجنوب العالمي لتكون جزءاً من شبكة نفوذ واسعة، لا يمكن النظر إليها على أنها مجرد خطوة رمزية، بل هي استراتيجية مدروسة تهدف إلى جذب الدول التي تشعر تاريخياً بالتهميش.
عالم الأرقام البحرية
تُحذّر معلوف من أن تعمّق هذا الانقسام، قد يُسرّع في نشوء نظام رقمي عالمي مزدوج، حيث سيُفرض على الحكومات والشركات، تبني معايير تكنولوجية وبنى تحتية مختلفة ومتعارضة في كثير من الأحيان. هذا سيؤدي إلى تشظي بيئة الابتكار العالمية، ويضع قيوداً غير مسبوقة على حركة التجارة والاستثمار ونقل المعرفة.
الصين تبني نظاماً موازياً
يُقول المحلل التكنولوجي جوزيف زغبي إن ما تقوم به الصين هو محاولة صريحة لبناء نظام عالمي موازٍ، حيث تستطيع الآن بكين أن تفرض رؤيتها الخاصة لمعايير الذكاء الاصطناعي. هذا ما يمنحها أداة ضغط اقتصادية وسياسية ضخمة، حيث لن تكتفي بالتنافس في البرمجيات بل تستهدف أيضاً السيطرة على البنية التحتية المادية للتكنولوجيا.
عقبات أمام طموح الصين
تُعتبر خطة بكين لخلق منظمة عالمية للذكاء الاصطناعي تواجه تحديات وعقبات كبيرة، أبرزها اعتمادها على أشباه الموصلات المتقدمة، التي تهيمن عليها شركات أميركية وآسيوية. هذا يبطئ قد طموحاتها التكنولوجية ويدفعها إلى بناء سلاسل توريد بديلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي. كما أن نجاح هذه المنظمة يتطلب دعماً واسعاً من قوى كبرى، وهو أمر قد يكون صعباً في ظل الاستقطاب العالمي المتزايد.

