الواقع السياسي السوري الراهن
بغداد اليوم – بغداد
مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، وكثرة التكهنات الإعلامية بشأن شكل التحالفات المقبلة في الشرق الأوسط، طُرحت تساؤلات جديدة حول مستقبل العلاقة بين دمشق وطهران، ومدى إمكانية انخراط سوريا، في ظل قيادتها الحالية، في أي محور عسكري مباشر إلى جانب إيران في مواجهة محتملة مع إسرائيل.
نهج دمشق
ورغم كثافة التقارير الإعلامية التي تحاول رسم صورة لتحالف استراتيجي معلن بين الطرفين، إلا أن الوقائع السياسية والميدانية تشير إلى أن دمشق تعتمد نهجاً مختلفاً يقوم على الحذر وتجنب التصعيد، بما ينسجم مع أولوياتها الداخلية في هذه المرحلة.
تحليل الخبير
في هذا السياق، يوضح الخبير في الشؤون الاستراتيجية محمد التميمي، اليوم الأحد (20 تموز 2025)، حقيقة هذه السيناريوهات من زاوية تحليلية تستند إلى معطيات الواقع السياسي السوري الراهن.
رؤية الواقع
وقال التميمي لـ"بغداد اليوم"، إن "ما يتداول من تحليلات إعلامية وتقارير غير موثوقة تزعم وجود تقارب استراتيجي أو تحالف مباشر بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والرئيس السوري أحمد الشرع، في إطار مواجهة أو تصعيد ضد إسرائيل، تبرز الحاجة إلى تفنيد هذه المزاعم من منظور واقعي وتحليلي يستند إلى معطيات السياسة السورية الراهنة".
السياسة السورية
وبيّن أن "السياسة السورية في عهد الرئيس أحمد الشرع تتسم بقدر كبير من الاستقلالية والبراغماتية، وهي ترفض الانجرار إلى محاور مغلقة أو اصطفافات عسكرية لا تخدم المصلحة السورية المباشرة، خصوصًا في ظل واقع إقليمي معقد تتداخل فيه المصالح الدولية والإقليمية".
التركيز على الداخل
وتُظهر معظم التحليلات المستقلة أن السياسة السورية في عهد أحمد الشرع تتجه أكثر نحو فكّ الاشتباك مع الملفات الإقليمية الساخنة، والتركيز على الداخل السوري بعد سنوات من الاستنزاف العسكري والسياسي، مما يجعل خيار التحالف العسكري المباشر مع طهران خطوة غير واقعية في هذه المرحلة.
تحييد نفسها
وتشير القراءة الإقليمية إلى أن دمشق تسعى في المرحلة الحالية إلى تحييد نفسها عن الاصطفافات الصلبة، مع محاولات مستمرة لإعادة بناء علاقاتها الخارجية وفق رؤية جديدة تقوم على التهدئة والانفتاح، وليس الدخول في تحالفات عسكرية قد تجرّها إلى مواجهة مع تل أبيب في توقيت غير محسوب.
العلاقة بين دمشق وطهران
وأضاف أن "العلاقة بين دمشق وطهران رغم ما يربطها من مصالح في بعض الملفات لا تُترجم بأي حال من الأحوال إلى تنسيق عدائي مباشر ضد إسرائيل، فدمشق تدرك تمامًا أن الانخراط في تحالفات هجومية غير محسوبة سيؤدي إلى تصعيد غير مرغوب فيه، في وقت تركز فيه الدولة السورية على إعادة البناء الداخلي، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي".
تحليل الواقع
وأكد التميمي أن "الحديث عن تحالف سوري – إيراني موجه ضد إسرائيل لا يتعدى كونه قراءة مشوهة للواقع السياسي، تفتقر للموضوعية وتعكس رغبات أكثر مما تعبّر عن حقائق، وإن المقاربة السورية في المرحلة الحالية تركز على التهدئة الإقليمية، والحفاظ على التوازنات دون الانخراط في مغامرات سياسية أو عسكرية غير محسوبة، وهذا ما كشفته الاحداث الأخيرة في سوريا وعموم المنطقة".
العلاقة بين إيران وسوريا
وبحسب مراقبين، فإن العلاقة بين إيران وسوريا في عهد الشرع تختلف عن سابقاتها، إذ باتت تتركز على ملفات أمنية محدودة أو مصالح اقتصادية، من دون الدخول في مغامرات عسكرية قد تضع دمشق في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، خاصة في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية دون رد مباشر من دمشق.
الوضع الداخلي
ويؤكد متابعون للشأن الإقليمي أن الأوضاع الداخلية في سوريا، سواء من ناحية الاقتصاد أو الأمن، تجعل أي مغامرة عسكرية مغلقة الأفق من شأنها أن تزيد من تعقيد المشهد، فيما تحاول دمشق اليوم رسم خطوط جديدة في علاقاتها توازن بين مصالحها وواقعها الداخلي بعيداً عن صراعات القوى الكبرى.

