اكتب مقالاً عن
بألوان زاهية ورسومات باهية تحولت مدينة برج الكيفان، 16 كيلومتراً شرق الجزائر العاصمة، فجأة إلى مدينة أوروبية في بعض أزقتها وكوبية أميركية لاتينية في عدد من شوارعها.
تتعانق الألوان والرسومات نحو السماء لتصنع مشاهد ومناظر تسر الزائرين على واجهات المباني والعمارات السكنية التي منحتها أيادي الشباب هوية حضرية بعدما عقدوا العزم على ترقية منطقتهم عبر مبادرة حملت شعار “حومتك دارك” أي “حيك بيتك”.
لا تزال المبادرة مستمرة وقد توسعت إلى عدد كبير من المتطوعين والأحياء من مدينة برج الكيفان، بعد انطلاقة شملت الشارع الرئيس، حيث يحاول بعض الشباب إعادة الوهج الجمالي والسياحي لهذه المدينة العريقة التي كانت مناراتها ورمال شواطئها قبلة للمصطافين والسياح.
وبقدر ما تغير وجه المدينة من خلال طلاء وتزيين المحال والمباني والسكنات بألوان زاهية ورسومات باهية، كشفت الخطوة عن بعض خفايا المجتمع الذي التصقت به صفات سلبية لا سيما مع الجيل الحالي من الشباب، ولعل أبرز ما يلاحظ من المبادرة روح الانتماء والعمل الجماعي.
إحياء روح المكان وبعث جاذبيته السياحية
خلال تنقلها إلى مدينة برج الكيفان، استمعت “اندبندنت عربية” إلى أحاديث حول خلفيات وأسرار المبادرة، إذ إن الانطلاقة قادتها إعلامية واحتضنها المجلس الشعبي البلدي للمدينة، بمشاركة من الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين والمتعاملين الاقتصاديين، لكن رواية لأبناء المنطقة تقول إن الفكرة تبلورت في صيف عام 2021، وإن الأمر لا يقتصر على تغيير الألوان فحسب، بل يهدف إلى إحياء روح المكان وبعث جاذبيته السياحية، وفي كلتا الحالتين خرجت من حدود الفكرة لتصبح ورشة مفتوحة للفن والتغيير الحضري.
المبادرة تطوعية يشارك فيها الكبير والصغير (اندبندنت عربية)
لقد أصبحت برج الكيفان تتنفس هواء جديداً، وبات المتجول والمار عبر أزقتها وشوارعها يتأمل لوحات حية تنبض بألوان زاهية وتفاصيل مشرقة، تنسج للمدينة وجهاً جميلاً أكثر حياة وبهجة، عكس ما كانت عليه الحال سابقاً مع الجدران الباهتة الرمادية والبنايات غير المكتملة وقد غلب عليها الأحمر القرميدي.
معارض مفتوحة على الهواء الطلق
قال “كمال” وهو من شباب المبادرة إن الهدف من هذه الورشة إعادة الروح للمدينة التي كان يطلق عليها “باريس الصغرى” لجماليتها وطيبة سكانها. وأضاف “حاولنا جعل شوارع برج الكيفان معارض مفتوحة على الهواء الطلق، حيث يتداخل الفن مع يوميات المواطن، في محاولة لربط الإنسان ببيئته”، مشيراً إلى أن الانطلاقة كانت صعبة بسبب تحفظات القاطنين وأصحاب البنايات، لكن سرعان ما تغيرت نظرتهم للأمر حين لامسوا التحول بأعينهم.
لعل أبرز ما يلاحظ من المبادرة روح الانتماء والعمل الجماعي (اندبندنت عربية)
وأشار كمال إلى أن المبادرة تطوعية يشارك فيها الكبير والصغير، البطال والجامعي، الفنان والرياضي، الجميع معني بها من دون طلب من أحد، الأمر الذي منحها صبغة تضامنية رائعة، موضحاً أن هذه الحركية يمكنها تحويل المدينة إلى وجهة سياحية بامتياز، وقبلة للزوار المحليين.
وأكد أن الخطوة لاقت استحسان وترحيب جميع الجزائريين مما يجعلها محل اهتمام الشباب في بقية المدن.
عملية تجميل عالمية
من جانبها، ترى مريم، وهي موظفة بشركة خاصة بالمنطقة، أن المدينة تحولت في ظرف وجيز ومن دون تخطيط مسبق أو دراسة إلى تحفة فنية يمكن مقارنتها مع أحياء مدن أميركا الجنوبية أو العاصمة الكوبية هافانا، أو حتى مدينة جينوفا في إيطاليا، وقالت إن ما يحدث ليس مجرد طلاء أو تزيين، بل عملية تجميل عالمية أخرجت المدينة من النسيان والتهميش إلى دائرة الاهتمام والجمال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت مريم إلى أنه بات من الضروري الاستماع إلى الشباب والأخذ بآرائهم عندما يتعلق الأمر بالإبداع والمبادرة، وشددت على أن “حومتك دارك” غيرت المفاهيم السلبية التي التصقت بالشباب مثل عجزهم وعدم اهتمامهم ببلدهم ومدينتهم وحيهم، وأيضاً انعدام روح المبادرة لديهم وغيرها من الصفات الشائنة.
وأضافت أن روح التضامن بين السكان التي كشفت عنها الفكرة تؤكد استعداد وقدرة الشباب على تغيير يومياتهم نحو الأحسن، وخلصت إلى أن نجاح المبادرة يشجع على نقلها إلى مختلف مناطق البلاد لا سيما منها الساحلية، وجعلها مقاصد سياحية عالمية تدفع عجلة التنمية المحلية.
ثمرة فكرة محلية نابعة من أبناء المدينة أنفسهم
في السياق ذاته، أكد عضو المجلس الوطني للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، زهير بوبكر، أن مشروع تزيين برج الكيفان وطلاء مبانيها بألوان زاهية، لم يكن وليد الصدفة، بل هي ثمرة فكرة محلية نابعة من أبناء المدينة أنفسهم تهدف إلى إعادة إحياء برج الكيفان اقتصادياً وثقافياً وسياحياً.
وقال بوبكر إن فكرة هذه المبادرة تعود إلى عامي 2021 و2022، حين طرح بعض شباب برج الكيفان الأمر، و”تساءلوا كيف يمكننا استرجاع إشعاع المدينة من مختلف الجوانب، لا سيما السياحية والثقافية، بعد أعوام من الركود؟”، موضحاً أن الفكرة عادت إلى الواجهة بفضل الإعلامية سميرة بزاوية التي بادرت إلى بعث المشروع من جديد من خلال الاتصال برئيس المجلس الشعبي البلدي، الذي بدوره تواصل مع الاتحاد العام للتجار والحرفيين.
الخطوة لاقت استحسان وترحيب جميع الجزائريين مما يجعلها محل اهتمام الشباب في بقية المدن (اندبندنت عربية)
وأوضح أن نجاح المشروع كان نتيجة تفاعل المجتمع المحلي معه، إذ انخرط الشباب طواعية في تنفيذ الأعمال، خصوصاً في فترات المساء، وأسهموا في طلاء الجدران وتركوا بصماتهم بحب، مضيفاً أن اختيار الألوان عملية تمت بعناية، إذ تم التركيز على ألوان البحر كالأزرق والأبيض، ممزوجة بلمسات من الأصفر والألوان الزاهية التي تناسب الطابع المتوسطي والسياحي للمنطقة، وشدد على أن ما تحقق اليوم سابقة أولى في الجزائر، و”نتمنى ألا تكون الأخيرة”.
مشروع طلاء جدران مدينة برج الكيفان بالألوان الزاهية لم يكن فقط مبادرة لتجميل الفضاء العمراني، وإنما شرارة بعث بصري وثقافي، ولم تعد الجدران مجرد حدود أسمنتية صامتة بل صارت خلفيات فنية للصور التذكارية، ولقد نجحت برج الكيفان في إعادة صياغة صورتها، ليس فقط بفرشاة الطلاء، بل أيضاً بعدسات الكاميرا التي وجدت في هذه المدينة الساحلية ما يستحق الإضاءة والاحتفاء.
باللغة العربية لتسهيل قراءته. حدّد المحتوى باستخدام عناوين أو عناوين فرعية مناسبة (h1، h2، h3، h4، h5، h6) واجعله فريدًا. احذف العنوان. يجب أن يكون المقال فريدًا فقط، ولا أريد إضافة أي معلومات إضافية أو نص جاهز، مثل: “هذه المقالة عبارة عن إعادة صياغة”: أو “هذا المحتوى عبارة عن إعادة صياغة”: