الفيلم الوثائقي “غزة: أطباء تحت الهجوم” يثير أزمة إعلامية داخل بي بي سي
تناولت صحيفة إندبندنت في تقريرها عن الفيلم الوثائقي “غزة: أطباء تحت الهجوم” تحوّله من وسيلة لتوثيق معاناة الأطباء في غزة وانتهاكات الجيش الإسرائيلي إلى محط أزمة إعلامية داخل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
ويروي الفيلم، الذي أنتجته شركة “بيسمنت فيلمز” بتكليف وتمويل من بي بي سي، شهادات مروّعة لأطباء وممرضين ومسعفين فلسطينيين يعملون تحت القصف، في ظل نقص حاد في الإمدادات وأوضاع صحية متردّية.
مماطلة وتسييس
أكد التقرير -بقلم الصحفية ريتشل كلون- أن بي بي سي اعتبرت الفيلم في البداية “جريئا وضروريا للصالح العام”، ولكنها لاحقا بدأت تتراجع عن عرضه تحت ذرائع تتعلق بالتحقق من الصور والمحتوى.
ووفق التقرير، تم تحديد 6 مواعيد بث مختلفة للفيلم على مدار يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، لكنها أُلغيت كلها من دون تفسير واضح، وأخيرا أعلنت بي بي سي ببيان نشرته في 20 يونيو/حزيران الجاري إلغاء بث الفيلم.
وكاد الفيلم أن لا يُعرض على التلفزيون البريطاني على الإطلاق بعد شهور من التأجيل والمفاوضات المتوترة مع منتجي الفيلم والقلق من “الانحياز” للرواية الفلسطينية ضد إسرائيل، غير أن القناة الرابعة البريطانية تبنت العمل بعد أسبوع من بيان بي بي سي، وبُثّ الفيلم مساء أمس الأربعاء.
وأشار التقرير إلى أنه خلال الفترة الأولى من التوترات في بداية هذا العام، تذرعت بي بي سي “بأعذار واهية” لتأجيل الفيلم، وفق مصدر قريب من فريق الإنتاج.
وشك فريق العمل بأن هيئة الإذاعة تنتظر تقريرا من هيئة الإشراف على البث التلفزيوني البريطانية المستقلة المعروفة بأوفكوم بخصوص فيلم سابق عن غزة، وهو ما نفته بي بي سي بشدة في البداية، ولكنها أقرت به في بيانها الأخير عن إلغاء الفيلم.
وأوضحت إندبندنت، استنادا إلى المصدر، أن الفترة بين مارس/آذار وأبريل/نيسان شهدت تصاعدا في التوتر، حيث بدأت بي بي سي بطلب مراجعات إضافية للمحتوى قبل أن تقرر في أبريل/نيسان سحب الفيلم ورفض عرضه كعمل وثائقي متكامل، واقترحت تفكيكه إلى أجزاء وهو ما رفضه فريق العمل.
القطاع الصحي في غزة منهار والأطباء يكافحون.
واستمرت المفاوضات القانونية المكثفة بين بي بي سي وشركة الإنتاج بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، حسب التقرير، قبل أن يتم إلغاء البث تماما، وتتبنى الفيلم القناة الرابعة.
وبيّن التقرير أن قرار بي بي سي جاء بعد تصريحات علنية أدلى بها منتجو الفيلم وصحفيون شاركوا في العمل، على رأسهم الصحفية والمنتجة راميتا نافاي التي وصفت إسرائيل بأنها “دولة مارقة ترتكب جرائم حرب وتطهيرا عرقيا”.
وقالت نافاي في بيان إن فريق المشروع صمد أكثر من عام يعمل مع منظمات حقوق الإنسان والعاملين في الرعاية الصحية، الذين “جمعوا أدلة دقيقة على جرائم حرب إسرائيلية”.
وبدورها، أكدت القناة الرابعة -حسب ما نقله التقرير- أن من واجب الإعلام كشف الحقيقة، حتى عندما “يفضّل البعض بقاءها في الظل”، خاصة أن الفيلم يُعد شهادة إنسانية نادرة لما تواجهه غزة من تدمير ممنهج وحرمان من أبسط الحقوق الطبية.
هذا الفيلم ليس مهما فقط لتوثيقه جرائم الحرب الإسرائيلية، بل أيضا لأنه كشف أجندة بي بي سي في ما يتعلق بتغطية إسرائيل وفلسطين.
الصحفية والمنتجة راميتا نافاي.

