مركز الاحتجاز في طوكيو: وجه آخر للعدالة اليابانية
من الخارج يبدو مركز الاحتجاز الواقع في منطقة كاتسوشيكا في العاصمة اليابانية طوكيو شبيهاً بباقي المباني الشاهقة والرصينة، لكن واجهته الرمادية وأرضياته التي تصطفُ على جانبيها الأشجار تُخفي واقعاً أكثر رعباً، فإلى هذا السجن تسحب اليابان أسوأ مجرميها لتشنقهم تحت المصابيح الفلورية لغرفة فارغة باردة تمتاز بجدرانها خشبية.
طقوس الإعدام ذات الطابع "المسرحي"
جاءت هذه التفاصيل في تقرير لموقع "ديلي ميل" عن طريقة تنفيذ عقوبة الإعدام في اليابان، الدولة الوحيدة في مجموعة السبع التي لا تزال تنفذ هذه العقوبة إلى جانب الولايات المتحدة. يكشف التقرير عن طقوس الإعدام ذات الطابع "المسرحي" في اليابان، التي تبدأ باقتياد السجناء للمرور بتمثال صغير ذهبي لإلهة الرحمة المعروفة بـ"كانون" في البوذية، قبل إدخالهم إلى غرفة الإعدام المعقمة، حيث يجبرون على الوقوف ببقعة محددة بمربع أحمر مشؤوم، وهو "باب الفخ" الذي سينفذون منه نحو الموت في رحلة قصيرة وسريعة.
غرفة الإعدام
تسحب ستائر زرقاء زاهية لتكشف عن منصة مشاهدة، حيث يجلس المسؤولون وأهل الضحايا، ويفصل بينهم وبين السجين لوح زجاجي رقيق فقط. يقوم منفذو الإعدام بوضع غطاء للرأس وعصابة للعينين على المحكوم عليه، ثم يلفون الحبل حول عنقه، ويتراجعون لسحب ذراع التشغيل، وفتح "باب الفخ" أمام السجين. تتدلى جثته المتيبسة من الحبل في غرفة رمادية مبلطة، ومن ثم يدخل طبيب ليفحص نبضه، وعندما يتأكد من الوفاة ينظف الجثة، ويأمر الحراس بنقلها إلى المشرحة.
"قاتل تويتر"
عاد الجدل حول ممارسات الإعدام في اليابان الأسبوع الماضي بعد إعدام تاكاهيرو شيرايشي الذي حكم عليه بالإعدام في 2020 لقتله 9 أشخاص، وإدانته بالاعتداء الجنسي على ضحاياه من الإناث، واعتقلته الشرطة عام 2017 بعد العثور على جثث ثماني مراهقات وسيدات، إضافة إلى جثة رجل احتفظ بها في ثلاجات شقته، واتضح أنه قتله لإسكاته بعد معرفته بمصير حبيبته التي كانت من الضحايا.
تفاصيل الجريمة
قال المحققون إن شيرايشي الملقب "قاتل تويتر" كان يصور نفسه كمساعد شجاع لتنفيذ رغبات الأشخاص الذين يفكرون في الانتحار أو باءت محاولاتهم للانتحار بالفشل. واعتاد شيرايشي التسويق لنفسه والتواصل مع ضحاياه عبر تطبيق "تويتر" واحتوى حسابه على رسم كاريكاتيري لرجل بعنق ومعصمين مليئين بالندوب، مطوقاً بحبل حول عنقه. أما في الوصف فيشير إلى أنه خبير في الإعدام شنقاً.
إشعار لا يتجاوز الساعة
ما يميز عمليات الإعدام في اليابان عن غيرها هو طبيعتها المفاجئة وغير المتوقعة، إذ لا يُعطى السجناء سوى إشعار قد لا يتجاوز الساعة، وهو أمر قالت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب إنه يسبب ضغوطاً إضافية على أسر المحكوم عليهم.
جدل حول عقوبة الإعدام
في يناير (كانون الثاني) 2024 حُكم على يوكي إندو شاب يبلغ من العمر 19 سنة بالإعدام بعد ارتكابه جريمة مروعة انتقاماً من فتاة رفضت تقدمه لها، إذ أقدم على قتل والديها والتهجم على شقيقتها بساطور وإشعال النار في منزل العائلة بالكامل. وأصبح إندو أول شخص في اليابان يحكم عليه بالإعدام لارتكابه جريمة في سن 18 أو 19 سنة بعد تعديل القانون الجنائي عام 2022 الذي خفض سن المسؤولية الجنائية للبالغين.
موقف الحكومة
ووسط تصاعد الدعوات الدولية والمحلية إلى إلغاء عقوبة الإعدام تمسك وزير العدل الياباني كيسوكي سوزوكي بدعم الغالبية الشعبية للعقوبة، مشيراً إلى أن المجتمع لا يزال يرى فيها وسيلة فعالة للردع وحماية الأمن العام.

