تاريخ غامض: كيف كان للشرطة السرية فريق كرة قدم في ألمانيا الشرقية
مقدمة
يلتقي فريقا ألمانيا والأرجنتين في مباراة نهائي كأس العالم يوم الأحد، لكن الجمهور الألماني في برلين قد يتوقف لحظة لتذكر أوقاتا مختلفة وأكثر تسييسا في تاريخ اللعبة.
فكرة غريبة
فكرة وجود وزارة أمن الدولة في عالم كرة القدم قد تبدو غريبة، لكن هكذا كان الحال من قبل. ففي ألمانيا الشرقية، كان للشرطة السرية فريق لكرة القدم. ولم يكن مجرد فريق عادي، لكنه كان الأفضل في الدوري المحلي.
تاريخ نادي دينامو برلين
ولم يكن من الممكن أن يقل مستوى الفريق عن ذلك، فأكبر مشجعي الفريق كان الوزير نفسه الذي أمر بنقل أمهر اللاعبين لناديه.. وهو نادي دينامو برلين لكرة القدم. وغالبا ما كانت أندية كرة القدم في ألمانيا الشرقية عملا جانبيا. فنادي كارل زايس يينا امتلكته مؤسسة كارل زايس لصناعة العدسات في مدينة يينا، كما كان هناك نادي تراكتور غروس لانداو ونادي توربين بوتسدام.
تأسيس نادي دينامو برلين
وكانت الأندية التي تبدأ بكلمة "فوفاتس"، مثل نادي فوفاتس لايتسيغ، تابعة للجيش، في حين كان دينامو هو الاسم الخاص بالشرطة. وفي برلين، كان نادي دينامو برلين هو نادي وزارة أمن الدولة، وكان الوزير، إريك ميلكيه، الذي ظل في منصبه 30 عاما حتى انهيار ألمانيا الشرقية، هو أكبر مشجعيه.
إريك ميلكيه
وكانت يدا ميلكيه غارقتين في الدماء. فهو الذي بدأ حملة اغتيالات سياسية عام 1931، وسجن بسببها بعد سقوط سور برلين. وفي ثلاثينيات القرن الماضي، انتقل إلى الاتحاد السوفيتي حيث أصبح أحد أقوى رجال ستالين. وبعد الحرب، عاد إلى ألمانيا الشرقية كرئيس للأمن ورجل ستالين هناك.
ميلكيه ودينامو برلين
وأحب ميلكيه دينامو برلين. وظهر في بعض الصور مع اللاعبين وهو مبتسم، أو وهو يركل الكرة في النادي. وابتسم له اللاعبون، أظنها ابتسامة مضطربة كونه الشخص الذي يملك مفاتيح غرف التعذيب وبيده كل الأوامر.
تأسيس نادي دينامو دريسدن
ولم يكن دينامو برلين دائمًا فريقه المفضل. فبحسب سجلات الهيئة الفيدرالية لسجلات وزارة أمن الدولة، عاد ميلكيه من موسكو وهو مولع بفكرة وجود مؤسسات باسم دينامو، كما كان الحال في الاتحاد السوفيتي. وغالبا ما كانت أندية كرة القدم في ألمانيا الشرقية عملا جانبيا. فنادي كارل زايس يينا امتلكته مؤسسة كارل زايس لصناعة العدسات في مدينة يينا، كما كان هناك نادي تراكتور غروس لانداو ونادي توربين بوتسدام.
تأثير ميلكيه على اللاعبين
وكانت يدا ميلكيه غارقتين في الدماء. فهو الذي بدأ حملة اغتيالات سياسية عام 1931، وسجن بسببها بعد سقوط سور برلين. وفي ثلاثينيات القرن الماضي، انتقل إلى الاتحاد السوفيتي حيث أصبح أحد أقوى رجال ستالين. وبعد الحرب، عاد إلى ألمانيا الشرقية كرئيس للأمن ورجل ستالين هناك. وأحب ميلكيه دينامو برلين. وظهر في بعض الصور مع اللاعبين وهو مبتسم، أو وهو يركل الكرة في النادي. وابتسم له اللاعبون، أظنها ابتسامة مضطربة كونه الشخص الذي يملك مفاتيح غرف التعذيب وبيده كل الأوامر.
تأثير ميلكيه على المنافسين
وكانت رئاسة وزير أمن الدولة للنادي تشكل عبئا على اللاعبين. من المؤكد أنهم كانوا منتقين ومقربين، لكن فكرة رئاسة قاتل جماعي كانت لها مزاياها وعيوبها. وعندما احتفل دينامو برلين بعيده الأربعين عام 2006، حضر اللاعب السابق كريستيان باكس. وتحدث عن المباراة التي أصيب فيها في كاحله، ووجد نفسه جالسا بجانب ميلكيه على مقاعد البدلاء، فلم يستطع الجلوس لفترة طويلة.
مشجعو نادي اتحاد برلين
وبعد توحيد ألمانيا، تدهور النادي وأصبح يلعب في الدرجات الأقل من الدوري، في حين يزدهر منافسه الأكبر، اتحاد برلين، ويصبح أقوى. وهو لا يشبه أي ناد آخر، إذ يقع في قلب غابة في ضاحية شرقية، ويتسع ملعبه لـ21700 متفرج. ويُعرف باسم "الملعب المجاور لمنزل الغابة القديم". ولكي تتمكن من الوصول إليه، عليك المرور بين الأشجار حتى تتفاجئ بما يشبه سفينة فضاء.
مباراة كأس العالم في ملعب اتحاد برلين
وخرج النادي بفكرة رائعة، وهي دعوة المشجعين لإحضار ارائكهم لأرض الملعب لمشاهدة مباريات كأس العالم. والآن، توجد 750 أريكة مصفوفة في أرض الملعب أمام شاشة كبيرة. وأصبح الملعب بمثابة غرفة معيشة. وهناك، كانت أجواء مباراة نصف النهائي الخميس الماضي ساحرة، حيث انسابت أضواء خافتة على قطع أثاث في الهواء الطلق بالغابة.
نهاية
وكان هناك مئات المشجعين الجالسين على الأرائك، ومنهم أزواج يحتضنون بعضهم البعض وأطفال ورجال، ونساء مسنات يحيين الغرباء أثناء تجولهم في المنطقة. كما راح البعض يعدون أطعمة ومشروبات تقليدية. ويلعب اتحاد برلين في القسم الثاني بالدوري الألماني البوندزليجا، وهو ما يجعل مشجعيه سعداء. ويسود القلق لدى البعض من صعود الفريق وما قد يترتب عليه في المكان. ويبقى وشاح النادي هو الزينة المفضلة. كما أن من النادر العثور على النسخة المقلدة من قميص لاعبي الفريق باهظة الثمن. لكن مشجعي الفريق ليسوا ضد التغيير. ويوجد الآن 3800 مقعدا على الأرض، بالإضافة إلى 18 ألف مكان للوقوف على الجوانب الثلاثة الأخرى من الملعب والتي تتخذ شكل مسطحات. وبنى المشجعون أماكن الجلوس بأنفسهم؛ باستخدام أموالهم وسواعدهم. والأشخاص الذين بنوا النادي، الذي هزم فريق دينامو برلين، سوف يشاهدون نهائي كأس العالم من على الأرائك التي أحضروها بأنفسهم، وسوف يتناولون الشراب والنقانق. لا يمكن أن يكون الأمر بأفضل من هذا بكثير.
