مرات قليلة شاهدت فيها عادل إمام داخل أروقة مهرجان «كان»، موعده يتوافق مع احتفال الصحافة والإعلام العربي بعيد ميلاده، قبل يومين أطفأنا له 85 شمعة، لم يكن هناك احتفال إلا في نطاق أسري محدود، «الميديا» احتفلت و«قامت بالواجب وزيادة»، تلقيت عشرات من المكالمات وأنا في «كان»، لا تسألني عن أخبار المهرجان المليء بالأحداث المهمة، ولدينا نشاط سينمائي عربي مكثف، ووجدنا في كل التظاهرات، إلا أن عادل حتى في صمته، لا يزال يمتلك كل الضوء.
عادل كان كثيراً ما يسخر من أفلام المهرجانات، ويرى أن الجائزة الحقيقية التي تحسب للفنان هي الإيرادات التي تحققها أفلامه في شباك التذاكر.
عرض لعادل في مهرجان «كان» فيلمان الأول عام 2005 «عمارة يعقوبيان» إخراج مروان حامد، وبعدها بثلاثة أعوام «حسن ومرقص» إخراج رامي إمام، الفيلمان رسمياً لم يشاركا في الفعاليات، ولكنهما عرضا داخل السوق، وأقام منتج الفيلمين الإعلامي والكاتب الكبير عماد أديب، عرضاً موازياً داخل «كان» في سينما «ستار»، قبل عرض الفيلم بساعات قلائل، شاهد الجمهور عادل إمام وهو يستقل سيارة «رولزرايس» وقفت أمام السجادة الحمراء الرئيسية في المهرجان، وصعد عادل ومعه فريق العمل على سلم قاعة «لوميير»، وتكرر المشهد ذاته في «حسن ومرقص»، كانت الكاميرات تتابعهم وكأنهم بالفعل يعرضون الفيلم رسمياً، وحصلت إدارة «كان» على مقابل مالي ضخم للموافقة على تأجير السلم.
قطعاً عادل إمام هو النجم الجماهيري الأول، بعدد العقود الزمنية التي احتل فيها القمة الرقمية في مصر والعالم العربي، ولا تستهويه تلك الأفلام التي يراهن صانعوها، على تقديم رؤية سينمائية جريئة، غير أنها تخاصم وجدان الناس.
من أكثر المخرجين الذين نجحوا في الجمع بين الحسنيين شريف عرفة، وتعاون مع عادل إمام في أفلام بدأت بفيلم «اللعب مع الكبار» وأهمها «الإرهاب والكباب» وكان من المفترض أن تكتمل السداسية مع «اضحك الصورة تطلع حلوة»، إلا أن عادل كان يخشى من ضآلة الإيرادات، فاعتذر عن البطولة، ولعب أحمد زكي الدور، ولم يحقق الفيلم أرقاماً ضخمة وقت عرضه، إلا أنه مع الزمن صار واحداً من أكثر الأفلام تداولاً عبر المنصات والفضائيات.
عادل النجم الجماهيري الأول في عالمنا العربي، بلا منافسة، منحته هيئة الترفيه العام الماضي، جائزة استثنائية لن ينالها أحد بعده، وبمسمى لا ينطبق سوى على عادل إمام أطلقه المستشار تركي آل الشيخ «زعيم الفن العربي»، الزعامة تحمل بداخلها أيضاً الجماهيرية والحضور الطاغي «الكاريزمي».
هل حقاً تتناقض الأفلام في بنائها بين الفني والجماهيري؟ من خلال متابعتي لمهرجان «كان» على مدى يصل إلى 33 دورة، أقول بضمير مستريح إن المسافة تقلصت تماماً، وهناك أفلام تحصل على الجوائز الكبرى في المهرجانات، وأيضاً في مسابقات موازية مثل «الأوسكار» الأميركي و«سيزار» الفرنسي، إلا أنها تنجح جماهيرياً ويزداد مع الزمن حضورها، ربما لم يجد عادل في مشواره العظيم العديد من تلك الأفلام إلا أنه في النهاية حقق نجوميته، وحافظ على شغف الجمهور به طوال تلك العقود الزمنية، وبينما هو والعائلة فضلوا إقامة احتفالية محدودة في عيد ميلاده، أقامت له «الميديا» احتفالاً جماهيرياً استثنائياً، واستطاع كالعادة وببساطة في عيد ميلاده «85» أن يسرق «الكاميرا» من مهرجان «كان» في عيد ميلاده «78»!!