استيقظ مُبكراً كعادتي ، استمع لقرآن الفجر ، أُصلي ثم أدعو الله وأقول “رب إجعل هذا الوطن آمناً” ، مع كل طلعة شمس أري غيوم جديدة آتية علينا ، أظل أُفكِر لأوقات طويلة وأطرح السؤال الذى لم أجد له إجابة واحدة حتى الآن نظراً لتعدُد إجاباته وصوابها جميعاً : لماذا يستهدفون بلدى كل هذا الإستهداف ؟ .. كل يوم إستهداف جديد ، ففى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كانوا يريدون قطع حبل الوصال الوطيد بينه وبين الشعب المصري بعد أن نال ثقة الشعب وتحدث بلسانه وأنجز الكثير للمواطن وانحاز للفقراء وعَدَل ميزان العدالة الإجتماعية وأراد تحقيق قومية عربية مأمولة وأسس جبهة عدم الإنحياز لذلك حاولوا تدمير مشروعه وإيقافه فكانت ( نكسة ٥ يونيو ١٩٦٧ ) والتي علي أثرها تم احتلال سيناء .. أما فى عهد الرئيس الراحل _ بطل الحرب والسلام _ أنور السادات أرادوا بقاء الوضع علي ما هو عليه ( لا حرب ولا سِلم ) ، لم تنفع الأمم المتحدة ولم يشفع مجلس الأمن ، لم يأت أحد من القوي الكبرى ليقول له : سننحاز لك لكى تأخذ أرضك الضائعة ، بالعكس ، فقد قالوا له : لن نُعطيك السلاح اللازم للحرب ، بعقول المصريين وبسواعدهم وبإرادتهم وبخططهم وبمجهودهم حاربنا وإنتصرنا وعادت الأرض ثم تم البدء فى مفاوضات شاقة لإستكمال إستعادة باقي حبات التراب الضائع فى سيناء ، وكان توفيق الله وعادت سيناء كاملة
.. المؤكد بأن “إستقرار مصر” يؤرقهم ، “نهضة مصر” وتنميتها تقلق منامهم ، “وحدة مصر وتماسك أهلها” يجعلهم فى حالة غضب شديدة ويُخرجهم عن شعورهم ، لذلك يقومون بكل أنواع الإستهدافات الخبيثة ويُحيكون مخططات شريرة ، صنعوا الإرهاب ودعموه ومولوه ودربوه لكى يُسقطوا مصر لكن خاب مسعاهم ، حاربونا إقتصادياً ، تحالفوا مع أهل الشر خدامي الفوضي وصانعيها ومُؤججيها لكن الشعب المصري واعٍ ونَهَرهم وطردهم شر طردة ، كل إنجاز حقيقي يحدث علي أرض مصر يُهيلون عليه التراب ويحولونه لسلبيات لكن الشعب المصري حفظ تركيبة أفكارهم وتصدي لها
.. يريدون حل مشكلات الشرق الأوسط علي حساب “مصر” ، قالوا لنا : نريد إستقطاع ( ٧٣٠ ) كم من سيناء لضمها إلي غزة ليُقيم فيها الغزاويين ، إنها “صفقة القرن” ؟ رفضنا لأن مصر لا تخون القضية الفلسطينية بل تدعمهما وتساندها .. عَدلوا الفكرة وعادوا ليقولوا لنا : سنُهجِر أهالي قطاع غزة إليكم وخذوهم ليُقيموا فى سيناء وسيتم تصفير ديونكم ؟ رفضنا وقُلنا : لا لتصفية القضية الفلسطينية .. قالوا : سنُنفذ “خطة الجنرالات” فى شمال غزة وسنطرد أهلها ، رفضنا وطالبنا المجتمع الدولي بتحمُل مسئولياته تجاه الأشقاء الفلسطينيين .. قالوا : سنُمزِق قطاع غزة إلي ثلاثة أجزاء وسنُنشيء محاور ( نتساريم وموراج وفيلادلفيا ) ، رفضنا وطالبنا بالحقوق الفلسطينية المشروعة كاملة بدولة فلسطينية مُستقلة علي أراض ما قبل ( ٥ يونيو ١٩٦٧ ) وعاصمتها القدس الشرقية .. قالوا : سنحتل غزة عسكرياً وسنُعين حاكماً عسكرياً عليها وسنستولي عليها وسنُزيد الإستيطان وسنفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ، رفضنا وطالبنا بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية .. ومؤخراً ، قالوا : سنمنع دخول المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة وسنجعل غزة غير قابلة للعيش فيها وطاردة لأهلها وسنجعلهم يُهجرون طوعياً ، رفضنا هذا المسلك وطالبنا المجتمع الدولي وكافة الأطراف الفاعلة والمهتمة بإستقرار الأوضاع فى الشرق الأوسط بضرورة إنفاذ المساعدات الإنسانية حتى لا تحدث مجاعة يتحمل مسئولياتها الجميع أمام التاريخ وأمام البشرية
.. ما أريد قوله : إن “مصر” ترفض الإبتزاز .. لا تعتمد علي أحد .. تأثيرها واضح ومعروف فى كافة القضايا العربية والإقليمية والدولية .. دورها لا يمكن _ أبداً _ التقليل منه أو التشكيك فيه .. “مكان مصر” محفوظ ولا يمكن أن يأخذه أحد أو يملأه غيرها .. “قوة مصر” يعلمها القاصي والداني .. “قدرات مصر” معروفة للجميع .. “كلمة مصر” فى الغُرف المُغلقة هى نفس كلمتها فى العلن .. “مصر” دولة شريفة ووجهها واحد ولم تَبِع ولم تُهادن ولم تُقايض ولم تترك حقها ولم تجلب أحد للدفاع عنها ورفضت وجود قواعد عسكرية أجنبية علي أرضها لأن لديها رجال أُسُود شُجعان قادرون علي الدفاع عنها والتصدي للأعداء ولكل من تُسَوِل له نفسه الجور علي حقوق مصر وثرواتها والإقتراب من حدودها .. المواقف التي تتخذها مصر تجاه مختلف القضايا العربية هى مواقف ثابتة ومهما زادت الضغوط لن ترضخ لأن ( مصر حُرة وشعبها حُر )