التحلي بالصبر، والتمسك بالاستقرار، مع الشعور بالرضا، والقناعة التي تقوم على قيم نبيلة، وفضيلة مستلهمة من عقيدة وسطية، والوثوق في قدرات سواعد البناء، في كافة المجالات، والاصطفاف خلف الوطن، والقيادة السياسية الحكيمة، كل ذلك يعد من دعائم التقدم والرقي، ومن مقومات النهضة، التي تقوم فلسفتها في الأصل على عزيمة الشعوب، التي لا تتقبل ماهية الركود، أو الثبات، أو الخضوع؛ لمتغيرات من شأنها تحبط الإنسان، وتقلل من إنتاجيته الفكرية والمادية على السواء.
عزيمة الشعوب لا تتقبل من يحاول النيل من مكتسباتها ومقدراتها البشرية والمادية، ولا تفتح مجالًا للفصال، حول قضايا باتت محسومة؛ فالأمن والاستقرار ودحر محاولات تفكيك اللحمة، وهتك النسيج الوطني، ليس له مكانة بين أطياف تلك الشعوب؛ حيث إن المرجعية الحقيقية تقوم على أصول الحضارة والثقافة، التي تتضمن في طياتها تراثًا زاخرًا بالملاحم والبطولات؛ ومن ثم لا يجد الخبثاء مكانة خصبة، وسط مجتمعات تربت على الولاء والانتماء، كونها توارثته من جيل لآخر.
الأفكار السوية، والاتجاهات الإيجابية، والعطاء المستدام، من الثروات التي تحافظ عليها الشعوب؛ فلا تغيير في المنهجية المتوارثة، ولن يستطيع أحد مهما امتلك من قدرات، ومقومات، أن يزيف بنية العقول، ويشوه الأفكار، ويشتت الأذهان؛ لأن عزيمة الشعوب التي قامت على فلسفة الإخلاص والحب لأوطانها باقية في النفس، والشرف والتضحية سمات كامنة في الوجدان؛ فتجد حالة من الاستنفار تنبعث حال استشعار الخطر، على أمن وأمان تلك البلاد الغالية على القلوب والوجدان.
الشعوب التي تمتلك العزيمة، لا تعرف طريقًا لمسارات الضعف، ولا تستكين، أو تسلم لأمر فرض عليها، ولا تتقبل العيش في بيئات مشوهة، ولا ترتضي إلا استكمال مراحل نهضتها، ولا تتقبل المغرضين، الذين يريدون التأثير على نفسيات القائمين على تنفيذ مشروعات الدولة القومية؛ ومن ثم تحبط طموحات منشودة؛ لأصحاب المآرب الفاسدة، الذين يرغبون في هدم كيان الدولة، وإسقاط نظامها المستقر؛ لتعم الفوضى، وتصبح غايات البلاد في مهب الريح.
الضريبة التي تتحملها الشعوب، من معاناة في مواجهة التحديات، ورباط من أجل تحقيق الآمال والطموحات، ومقدرة على الوصال، وقوة، وإصرار، ومثابرة، في مواجهة التحديات، وتجاوز الأزمات، تلك دلالات قاطعة على العزيمة، والنضال، والثبات؛ كي تتحدث الأفعال قبل شفاهية الكلمات؛ لتقول للعالم بأسره، إن الأوطان لا تقبل المزايدة، ولا المقايضة، ولا النقيصة؛ فالتضحية ليست منا ببعيدة، ونيل الشهادة مطلب للجميع دون استثناء.
إن عزيمتنا لا تقبل تكديرًا للسلم، ولا تهديدًا لصورة التعايش السلمي، التي ننعم فيها، وليس لقاموس النزاعات عندنا مكان لنحتفظ به، وحالات الفوضى، لا نتقبل ماهيتها بالكلية؛ لكن لدينا حرص في حماية أمننا القومي في اتجاهاته الأربعة، ولدينا رغبة في استكمال مسيرتنا نحو الإعمار المستدام، ولدينا شيوع لمحبة استلهمناها من حضارتنا، التي نفخر بمراحلها، ولدينا ثقة مطلقة في مؤسساتنا الوطنية، وقيادتنا السياسية المخلصة.
شعبنا العزيز محب للنماء، وراغب في التقدم، ويمتلك مقومات العزيمة والتحدي، وهذا في مجمله يثير حفيظة الحاقدين، والمغرضين، من أهل المكائد في شتى ربوع العالم، بل ويساعد في أن تتكاتف قوى الشر؛ من أجل النيل من مقدرات الوطن الغالي، بكافة الطرائق والأساليب غير المشروعة، وهنا أشير إلى أن مصر المتفردة، يحوز شعبها العظيم وعيًا قويمًا، وقيمًا نبيلة، وخلقًا رفيعًا، بما يعد مضادًا لكل مكائد الأشرار.
عزيمة الشعب الأصيل، نراها في شباب الأمة المصرية، الذي يمتلك الوعي الرشيد، والفكر السديد، والاتزان الانفعالي تجاه قضايا الوطن والإقليم؛ فيدرك التحديات، ويعي ماهية التعامل الصحيح مع الأزمات، ولديه إرادة في إحداث التغيير، الذي ينبري عنه النهضة، والتنمية المستدامة، لوطن يسكن في قلوب جميع المصريين.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
—
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر