أي أياد يحبها الله تعالى ورسوله ، هل اليد التي نشأت على الراحة والكسل والتواكل.
أم اليد التي أفنت عمرها في السعي في طلب الرزق الحلال دون كلل أو نصب أو تعب.؟!
وبأيهما تبني الأوطان وتتشرف.؟!
فإنه في كل عام ميلادي وبالتحديد في الأول من مايو ، يحتفل العالم جميعا بعيد العمال ، عيد الأيدي الشقيانة التي تزرع لنحصد والتي تصنع لنستهلك مصنوعاتها فنستهلك ملبسنا ومطعمنا وكل مقومات حياتنا التي نحياها.
وإن كنت أرى أن الاحتفال بهؤلاء لا يكفيه يوم واحد ولا حتى كل أيام الدهر ، لكنها سنة جرت عليها العادة في وقتنا المعاصر أن تتبع للتذكرة بأهمية الأيادي العاملة التي لا تدخر جهدا وتبذل ما في وسعها لتحقيق الرفاهية والراحة لأبناء الوطن.
ومن ثم ومن باب فقه الأولويات أن نحتفي جميعا بالعمال ، لأنهم اللاعب الرئيس في بناء الأوطان وعليهم المعول في تحقيق التنمية المستدامة التي نسعي لتحقيقها لنرقى بوطننا الحبيب مصر ، فتحية إجلال وتقدير وشموخ لهذه الأيدي الكادحة التي يحبها الله تعالى ورسوله
فلله دركم أيها العمال في مصانعكم تصهرون الحديد بأيديكم لتصنيع أجهزتنا ومعداتنا التي نستخدمها في حياتنا اليومية حتى نقضي مصالحنا وحاجاتنا في يسر وسهولة.
لله دركم أطبائنا وطواقم تمريضنا ومسعفونا الذين تبيتون قياما لا تكلون ولا تملون من أجل المرضى في مشافيكم ، لا تتأخرون عن أداء واجبكم المنوط بكم.
لله دركم أيها المعلمون المخلصون الجادون في مهامكم التعليمية لا تبتغون إلا وجه الله تعالى حتى وإن تدنت دخولكم ، لكنكم تجتهدون صابرون محتسبون من أجل رفعة البلد ، فالأوطان لا تبنى بالجهل وإنما بالعلم سواء العلم العملي أو العلم النظري.
لله دركم أيها القضاة حماة العدالة الناجزة التي تحقق العدالة فى المجتمع لا يفرقون بين غني وفقير ، سفير ، وغفير ، لا تحيدون ولا تميدون عن الحكم بالعدل لأن الله أمرنا بالعدل ، فلا تظلمون أحدا وتردون المظالم لأهلها وتعطون الحقوق لأصحابها وتقتصون من الظالمين الذين يظنون أنهم مانعتهم مناصبهم من المحاسبة والمساءلة.
فلله در الرجال ، أنعم بهم من رجال وأكرم ، بهؤلاء المرابطون على الحدود حراس الوطن الذين يحمون حدوده من تربص المتربصين ، الذين يريدون الفرص للانقضاض علينا ، لكن هيهات هيهات ، فحدودنا عرين الأسود.
لله در أمننا الداخلي ودورياتهم السيارة والراكبة ليلا ونهارا من أجل حماية الشعب ومؤسساته من اللصوص وقطاع الطرق ، حتى ننام آمنين مطمئنين في بيوتنا.
نعم صدق فيكم قول الله تعالى (عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله)
لله دركم أيها القادة كل في مكان يؤدي عمله بإتقان لا يريد جزاء ولا شكورا ، دأيهم وديدنهم وشغلهم الشاغل تحقيق الغاية المنشودة ، تحقيق التنمية على كآفة المستويات والأصعدة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو العسكرية أو الاجتماعية منتهجين منهج عقيدتهم المتمثلة في قوله تعالى ،(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)
لله دركم عمال النظافة الذين تعملون على تنظيف مدينتنا وتسعون إلى تجميلها وإزالة ما يعكر صفونا ، أنتم من نرفع لكم القبعة ونمد أيدينا للسلام عليكم بكل الود والحب فلولاكم لتغير حالة مدينتنا إلى الأسوء ولأمتلات شوارعنا بالقمامة فلكم كل التحايا والتقدير.
لقد نبهنا رسولنا الأكرم على أهمية العمل وإتقانه لأن ذلك يدخل في باب الجهاد في سبيل الله تعالى ، بمعنى أن تسعى في طلب الرزق من أجل إطعام أهل بيتك فهذا جهاد ، أن تجتهد لرفعة بلدك فهذا جهاد في سبيل الله.
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)
ويأتي الرجل ليصافحه صل الله عليه وسلم فيستحي أن يمد يده خجلا أن تجر يده يد النبي من شدة خشونتها من كثرة الإمساك بالفأس ، فيمد النبي يده ويمسك بيد الرجل مقبلا إياها قائلا على الملأ ، هذه يد يحبها الله ورسوله.
فاختر لنفسك صديقي الغالي ، أن تجد وتجتهد وتدخل في زمرة هذه يد يحبها الله تعالى ورسوله ، أم تنتظر الحسنة ، هذا يعطيك وهذا يمنعك وهذا يتأفف منك.
أستاذ الفلسفة بآداب حلوان