علاج جيني مبتكر يفتح آفاقاً جديدة في علاج سرطان الدم العدواني
في خطوة علمية غير مسبوقة، نجح فريق من الأطباء في تطبيق علاج جيني يستهدف الحمض النووي للخلايا المصابة بسرطان الدم العدواني، وشفاءه بشكل تام.
وقد خضع للعلاج الجيني المبتكر، لأول مرة، مراهقة بريطانية تدعى أليسا تابلي، تبلغ من العمر 16 عاماً، وأثبت منهج العلاج قدرته على القضاء على المرض بالكامل، ما يفتح آفاقاً جديدة في علاج أشدّ أنواع السرطان عدوانية.
نتائج واعدة من التجارب السريرية
نُشرت نتائج تجربة سريرية، تشمل ثمانية أطفال، واثنين من البالغين، في مستشفى Great Ormond Street، ومستشفىKing’s College في لندن.
وأظهرت النتائج أن ثلثي المرضى اختفى المرض من أجسادهم، لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، بحسب Sky News.
وقالت ديبورا يالوب، استشارية أمراض الدم في King’s: «لقد شهدنا استجابات مثيرة للإعجاب في القضاء على نوع سرطان الدم الذي كان يبدو غير قابل للشفاء، إنه نهج قوي جداً».
سرطان الدم العدواني ومحدودية العلاجات التقليدية
عانى المرضى المشاركون في الدراسة، نوعاً نادراً من سرطان الدم يُسمى T-cell acute lymphoblastic leukaemia، وينتج عن نمو خلايا تدعى T في الجهاز المناعي بشكل غير مسيطر عليه.
جميع المرضى فشلوا في الاستجابة للعلاجات التقليدية، ما دفع الفريق الطبي لتجربة تقنية تجريبية لتحويل خلايا T المأخوذة من متبرع إلى «آلات قاتلة» تقضي على السرطان.
تقنية BE-CAR7: تعديل دقيق للحمض النووي
التقنية، المسماة BE-CAR7، تعتمد على تعديل دقيق لجزء من الشفرة الوراثية (الـDNA)، بحيث يمكن تغيير وظيفة الجين كما لو تم تعديل حرف واحد في رسالة نصية لتغيير معناها.
وأجرى العلماء ثلاثة تعديلات دقيقة على خلايا T المأخوذة من المتبرع، ما جعلها علاجاً جاهزاً للاستخدام، لا يحتاج إلى مطابقة مع المريض، كما في عمليات زراعة النخاع التقليدية.
كما وجهت الخلايا المعدلة للقضاء على جميع خلايا T الخاصة بالمريض، سواء كانت سرطانية أو طبيعية، ما أتاح للمريض، بعد أربعة أسابيع، إجراء زراعة نخاع لإعادة بناء جهاز مناعي صحي.
نتائج مشجعة: نسبة شفاء عالية
وفقاً لما نشر في New England Journal of Medicine:
82 % من المرضى وصلوا إلى حالة تحسن عميق بعد العلاج، وتمكنوا من إجراء زراعة نخاع.
64 % ما زالوا خالين من المرض حتى الآن.
وقالت إليسا تابلي: «أنا الآن بخير جداً، أمارس الإبحار، وأشارك في الأنشطة المدرسية التي كنت أحلم بها أثناء مرضي. لا آخذ أيّ شيء كأمر مفروغ منه.هدفي القادم تعلّم القيادة، وهدفي الأقصى أن أصبح عالمة أبحاث، وأسهم في اكتشافات جديدة تساعد أشخاصاً مثلي».
دعم العلاج لمزيد من المرضى
وافقت مؤسسة مستشفى Great Ormond Street البريطانية على دعم علاج عشرة مرضى آخرين.
وقال روب كييزيا، مستشار زراعة نخاع العظم والمحقق في الدراسة: «مع أن معظم الأطفال المصابين بسرطان T-cell يستجيبون جيداً للعلاجات التقليدية، إلا أن نحو 20% قد لا يستجيبون. هؤلاء المرضى هم الذين يحتاجون إلى خيارات أفضل، والأبحاث توفر أملاً بتحسين التشخيص لكل من يُصاب بهذا النوع النادر والعدواني من سرطان الدم».
الأمل في تقدم علاجات السرطان
تعاونت مؤسسة Anthony Nolan البريطانية لتوفير متبرعي خلايا T للفريق البحثي.
وأكدت تانيا ديكستر، كبيرة الأطباء في المؤسسة:
«نظراً لأن هؤلاء المرضى كانوا يواجهون فرصة ضئيلة للبقاء على قيد الحياة قبل التجربة، فإن هذه النتائج تجلب الأمل بأن العلاجات المستقبلية ستتطور، وتصبح متاحة لعدد أكبر من المرضى».
وأضافت أن النتائج مشجعة، وتظهر التقدم التقني الكبير في مواجهة تحدّيات أكبر في علاج سرطانات الدم، واضطرابات الدم.

