التوعية بسرطان البروستاتا: تحديات وآمال
مقدمة
مع حلول شهر نوفمبر المخصص للتوعية بسرطان البروستاتا، يؤكد الدكتور أمين أبيض، أخصائي طب الأورام والطب الباطني، أن التطور العلمي خلال السنوات الأخيرة غير بشكل جذري أساليب التشخيص والعلاج، ورفع نسب الشفاء إلى مستويات غير مسبوقة. تشير الدراسات العالمية إلى أن 1 من كل 8 رجال قد يتعرض للإصابة بالمرض.
عوامل الخطر
يلفت الدكتور أبيض إلى أن احتمال الإصابة يرتفع بشكل ملحوظ بعد سن الخمسين، ويزداد لدى من لديهم تاريخ عائلي أو طفرات وراثية مثل BRCA1 وBRCA2، إضافة إلى رجال من أصول جينية معينة. كما تلعب عوامل نمط الحياة مثل السمنة، قلة الحركة، والنظام الغذائي الغني بالدهون دورا إضافيا في رفع المخاطر.
الكشف المبكر
يرى أن مستوى الوعي لا يزال أقل من المطلوب، إذ يتم اكتشاف المرض في مراحل متقدمة لدى العديد من المرضى، نتيجة الإحراج أو التردد في إجراء الفحوص الطبية أو مناقشة الحالة بشكل علني. ويؤكد أن الكشف المبكر يبقى العامل الحاسم في فرص الشفاء، مشيرا إلى أن التشخيص باستخدام فحص PSA والفحص السريري يمكن أن يخفض الوفيات بأكثر من 50 بالمئة وفق الدراسات الحديثة.
تقنيات تشخيصية حديثة
ساهمت تقنيات مثل الرنين المغناطيسي متعدد العوامل (mpMRI) في تحسين دقة التشخيص وتجنب الخزعات غير الضرورية. كما تم تطوير فحوص متقدمة تعرف بـ "الخزعات السائلة"، والتي ترصد الحمض النووي للورم في الدم، ما يمكن من متابعة المرض وتطوراته دون تدخلات جراحية.
علاجات حديثة
فيما يتعلق بالعلاجات الحديثة، يشير الدكتور أبيض إلى أن العلاج الهرموني لا يزال خيارا مهما، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت طفرة كبيرة في العلاجات الموجهة، وعلى رأسها عقاقير PARP inhibitors، التي أثبتت فاعلية لدى المرضى الذين يحملون طفرات جينية محددة. كما أحدث العلاج الإشعاعي الموجه بالمواد النووية (PSMA Radioligand Therapy) تحولا لافتا في التعامل مع سرطان البروستاتا المتقدم.
الجراحة الروبوتية
وفي الجانب الجراحي، يشير إلى التقدم الكبير في الجراحة الروبوتية التي تقلل النزيف والمضاعفات وتسرع التعافي، مع الحفاظ على الأعصاب الحساسة المرتبطة بوظائف المثانة والانتصاب.
الطب الدقيق
ويوضح الدكتور أبيض أن الدراسات الحديثة تركز على مفهوم "الطب الدقيق" أو Precision Medicine، الذي يهدف إلى اختيار العلاج الأنسب لكل مريض بناء على تكوينه الجيني وطبيعة الورم. كما يتم العمل على تعزيز دور العلاج المناعي في سرطان البروستاتا، مع ظهور نتائج واعدة لدى مجموعات معينة من المرضى.
الذكاء الاصطناعي
ويضيف أن التطور التقني يشمل أيضا استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل صور الرنين المغناطيسي ونتائج الخزعات بدقة تتجاوز الخبرة البشرية في بعض الحالات، ما يساعد على تحديد عدوانية الورم والتنبؤ باستجابته للعلاج.
الخلاصة
ويختتم الدكتور أمين أبيض مؤكدا أن سرطان البروستاتا يمكن التعايش معه والشفاء منه عند اكتشافه مبكرا، مشددا على أن "الكشف المبكر ينقذ الأرواح"، وأن التطور العلمي اليوم يمنح المرضى فرصا أفضل وحياة أطول، حتى في المراحل المتقدمة.

